في كل عام ترسل جامعاتنا الوفود من مسؤوليها إلى بعض دول العالم والدول العربية لسد نقصها من الكادر التعليمي، ويعتمد جودة الجامعة على حسن اختيار هؤلاء الأعضاء.
وفي الواقع الأكاديمي المتميز تسبقه شهرته من خلال ما يقدمه من دراسات وأبحاث في مجال تخصصه ومن مشاركاته في المؤتمرات، ويصبح معروفًا للقريب والبعيد.
وما على جامعاتنا إذا أرادت التميز في مخرجاتها إلا أن تستقطب هؤلاء المتميزون في علمهم وأدائهم، لأن الجامعات هي المقر المناسب لصناعة الأجيال المنتجة القادرة على بناء الأوطان.
وإدراكًا من حكومتنا الرشيدة؛ لذلك توسعت في إنشاء الجامعات في مناطق وبعض محافظات المملكة، ولعل هذه الجامعات الفتية تسعى للاستفادة من تجارب الآخرين في استقطاب العقول النيرة المنتجة ذات القدرات المتميزة في مجالات البحث العلمي، وتصرف على المخرجات والإنتاج العلمي أكثر مما تصرف على المدن الجامعية التي تتنافس في بنائها وتصرف جل ميزانياتها عليها.
ولنا في تجربة جامعة أكسفورد خير مثال في الاستفادة من جلب العقول العلمية إليها فهذا الملك الإنجليزي هنري الثالث يقدم الإغراءات المالية والمعنوية للمتميزين من أساتذة جامعة باريس لنقلهم إلى جامعة أكسفورد، والتي هيأت نفسها لتكون أفضل مكان يقصده المتميزون من دول العالم قاطبة لما تقدمه من تقدير مالي ومعنوي لأساتذتها كل حسب قدراته؛ مما أدى إلى أن يفخر بالانتماء لها طلابها وخريجيها وأساتذتها، وبعد أن بنت سمعة يشار إليها بالبنان على مستوى العالم، أصبح المتميزون هم من يسير إليها ويبحث عنها.
واستفادت الولايات المتحدة الأمريكية من التجربة السابقة بعد حوالي سبعة قرون حيث يسجل كثير من تقدمها الاقتصادي والتكنولوجي لاستقطابها للعقول المهاجرة من خلال تقديم الكثير من التسهيلات لهم، ولعل قانون الهجرة الذي سنته الحكومة الأمريكية في ذلك الحين تَضّمن أهم تسهيلات الهجرة إلى الولايات المتحدة لكل عقل بشري منتج، بل وسهلت عليهم إجراءات نيل الجنسية الأمريكية.
فهل جامعاتنا تستطيع أن تتبنى تجربة مماثلة في استقطاب المتميزين من العلماء من جميع بلدان العالم ؟ لتصبح قادرة على إنتاج المعرفة، ولتنافس الجامعات العالمية، ويفتخر طلابها بأنهم من خريجيها في كل مكان ومحفل، خصوصًا وأن ميزانيات الجامعات السعودية كبيرة جدًا، نحن نتطلع إلى مزاحمة الآخرين على المقدمة التي كانت أمتنا الإسلامية منفردة بها في الماضي، ولن نصل إلا بجامعات ذات استراتيجيات تركز على إنتاج المعرفة والاستفادة منها.
تربوي متقاعد