المقالات

الهيئة العامة للثقافة … وكنوزنا الفنية الثقافية

في مقالي الاسبوع الماضي الاثنين 7/8/1439هـ ( الهيئة العامة للثقافة .. المعاصرة والدور الرائد) تطرقت فيه إلى الدور الكبير الذي يطمح له الوسط الثقافي الادبي في تفعيل دور الهيئة للوصول إلى آفاق ثقافية واسعة من خلال تفعيل المسرح ، وإشراك الشباب في الملتقيات ، ودعم أو تطوير دور الأندية الأدبية لتكون الملتقى لكافة شرائح المجتمع .. ولعلي اليوم أكمل ما بدأته من مطالب للهيئة وذلك بعد حضوري لقاءً ثقافياً -استثنائياً – في الصالون النسائي بأدبي جدة والذي تشرف عليه أ. نبيلة محجوب ومجموعة من سيدات جدة وكان الموضوع : (الفنون الشعبية في الحجاز وإيقاعاتها بدءاً من أول أغنية في العالم رحلة تاريخية في الموسيقى والغناء) لأيقونة الفن التراثي السعودي د. هند باغفار .

وحقيقة لم تكن المتعة الوحيدة في اللقاء هي الاستماع إلى الفن الراقي الرصين الذي للأسف يكاد أن يندثر في زحمة الفنون الغثة والتي اختلط فيها الحابل بالنابل .. من مدعي الفن حديثاً ..! بل كان السرد العلمي التاريخي للفن( القطب) الذي حلقنا فيه مع الكاتبة إلى فضاءات واسعة .. بدءاً من الطبيعة التي لم تكن صامتة في يوم ما وإنما خلقها الله لينعم الانسان بسماع تغريدات العصافير، وهفيف الاشجار ، وخرير الماء .. وإلى أول أغنية في التاريخ وهي مرثية من أحد أحفاد قابيل حين قتل أخاه هابيل. فكان السرد التاريخي العلمي للتراث الفني مذهلاً للحاضرات وقد بدأ من العصور الأولى للإنسان ؛ وعصور الأشوريين ودولة سبأ واستمراراً إلى العصر الجاهلي ، ثم عصور الاسلام ومنها عصر الخلافة الاموية والعباسية ووصولاً الى يومنا هذا. مما يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن ( الجزيرة العربية) وخاصة منطقة الحجاز هي مهد التراث الفني الغنائي عبر العصور والذي صادرته القوى المتشددة منذ عام 1346هـ وما هو موجود في ذاكرة المجتمع المكي من ارهاب للناس وتكسير(البيكأب والاسطوانات) لمن يجدوها في منزله وكأنها جريمة ( مخدرات ) .. ومع قليل من الانفتاح تنفس المجتمع الصعداء .. وبدأ الناس في الاستمتاع بالفن والسينما إلى أن ظهر ما يسمى ( بجماعة الصحوة ) الذين سلبوا المجتمع حق الاستمتاع بالحياة .. وصورونا جميعاً أننا في جهنم بسبب هذه الفنون .. وقد آن الأوان لتغيير تلك المفاهيم وكما قال سمو ولي العهد محمد بن سلمان -حفظه الله – سنعود إلى ما كنا عليه الاسلام الوسطي المعتدل ونريد أن نعيش حياة طبيعية حياة تترجم ديننا السمح وعاداتنا وتقاليدنا الطيبة ” فللإسلام مبدأ : (وروحوا القلوب ساعة بعد ساعة فان القلوب اذا كلت عميت ).

أعود لتلك الأمسية الفنية التي أثارت في الحاضرات مكامن الجمال في تراثنا الوطني الغنائي وما قدمته في تلك الأمسية عن ألوان الفنون في الجزيرة العربية وهي : الحداء ، والحدري والمجس ، والمجررو ، والمزمار ، والدانة ، منها دانة البخشيش أو الشبشرة والزير والخبيتي والرجيعي والصهبة وتاريخ ومكان ظهورها وهي ألوان ثقافية تراثية جديرة بأن تجد من يحافظ عليها كمورثات وكنوز ثقافية . فأيقونة التراث د. هند لديها أكثر من عشرين كتاباً منها: ( التراث الفني في الجزيرة العربية ، و الأغاني الشعبية في المملكة العربية السعودية ، والاعراس الشعبية ، الملابس الشعبية ، .. هذا فضلاً عن كتابتها لمسرحيات قدمت للمؤلفة لبعض رواياتها والتي تتناول فيها قضايا المجتمع السعودي بمصداقية وشفافية في الطرح .
وفي الحقيقة ارى ضرورة أن : تقوم الهيئة العامة للثقافة بإعادة طباعة تلك الكتب التي للأسف قد نفذت طباعتها في المكتبات وذلك للمحافظة على تلك الكنوز الثقافية من أن تندثر وتتلاشى .
– أن تهتم الهيئة أيضاً بفتح مدارس لتعليم أصول الفن العربي للشباب .. ومنها العزف على الربابة والعود والقانون .. للمحافظة على الألوان والألحان بسماتها الاصلية التراثية ، ونشر هذا التراث على المستوى الشعبي لشبابنا . .

– أن يكون هناك ترجمة للكتب التراثية إلى جميع اللغات العالمية .. وذلك لتعريف الشعوب بحضارة وثقافة مجتمعنا ومد جسور الحوار من خلال الثقافة التي هي أسمى أنواع التواصل .
– تحويل روايات باغفار إلى نصوص مسرحية لإلقاء مزيد من الضوء على قضايانا الاجتماعية وترجمت المشكلات الى حلول عملية .
– تقديم تراثنا الفني في الخارج ، ليس فقط على المستوى الرسمي الذي تحضره النخب الثقافية والسياسية ، ولكن أيضاً على المستوى العام للتعريف بثقافتنا السعودية الأصيلة من خلال تفعيل دور سفارتنا في الخارج ..
كلنا أمل أن تلقى الموسوعة الفنية التراثية الثقافية التي أسستها الكاتبة ( د. هند باغفار ) اهتماماً خاصاً للمحافظة على تراثنا الوطني محلياً ومن ثم تصديره للخارج لتعريف الشعوب بثقافتنا وحضارتنا الضاربة في عمق التاريخ ليبقى تراثاً خالداً على مر العصور..

Related Articles

One Comment

  1. مقال اتى فى وقته ويثبت ان لدينا مخزون هايل من التراث تثبت عراقة هذا البلد واصوله وجذوره التاريخيه ارجو من وزير الاعلام تفعيل دور الحفاظ على الكنوز العراقيه التى لدينا ومحاوله استعاده ما اخذ وما سرق وما نهب وما تم دسه فى فى غرف الظلام لدى البعض وذلك بخطة عمل على أرض الواقع.او حتى محاوله تخليق ما سرق وما يوجد على سبيل المثال فى متاحف تركيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button