لا أزلت أتذكر جيدا قبل سنوات عديدة تفاصيل حادثة الموظف الحكومي أثناء مباشرة عمله الميداني وتمكنه من إقفال المركز التجاري ؛ لوجود مخالفة إدارية أساسية تتطلب الإغلاق على الرغم من وجاهة المالك في المجتمع. وما نتج عنه من مضايقة للموظف من جهة عمله حتى تقدم بالتقاعد من وظيفته بعد أن ضاقت للأسف به الحياة الوظيفية.وبلا شك أن هناك قصص كثيرة متشابهة لصور الفساد البشعة.. ذهبت بوفاة أصحابها أو أقفلت قسرا داخل صندوق أسود في نفس المعني بها عجز عن النطق خوفا من الضرر المتوقع، أو أصبح يسير بجانب الحيط وليته يسلم..! وقصص مؤلمة مازالت تنتظر كشف فصولها في القريب العاجل..! فما رؤية التأخر في تقديم الخدمات وفي كافة المجالات الحياتية إلا دليل على فساد كان يسير على قدميه بجرأة متناهية .
ولهذا فقد تنفس المعنيون من المواطنين بمثل هذه القضايا المصيرية بالتوجيه الملكي مؤخرا للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ” نزاهة ” بتوفير الحماية اللازمة لكل موظف يتقدم ببلاغ ضد ممارسات الفساد الإداري أو المالي ، وعدم التعرض له وظيفيا، أو المساس بحقوقه، أوحوافزه المكتسبة. مع التأكيد على الرفع عن أي جهة حكومية تتخذ إجراءات تأديبية بشأن الموظف المبلغ. وبهذا الإجراء المؤقت ستتوفر حماية قوية لكل مواطن مخلص برغب في المحافظة على حقوق الوطن والمواطنين. وإلى أن يتم إصدار قانون ” حماية الشهود والضحايا ” يتوقع أن تتغير الآلية الإجرائية تجاه ممارسات الفساد الوظيفي. وممارسات التعسف والظلم بحق الموظف. فكم من موظف حكومي لقي أشد الضرر من المسؤول في دائرته .. لا لشيء سوى أنه أدى واجبه المفترض .
إن على الجهات الحكومية عموما التعاون التام وبلا تسويف، أو تعطيل مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ” نزاهة ” بفتح صفحة حقيقية وجديدة؛ بضبط كل من يتعدى على ممتلكات ومكتسبات هذا الوطن المبارك. فقد ضاق المواطنون كثيرا من تردي الخدمات في مختلف المجالات المعيشية التعليمية، والصحية، والخدمية. ولم يكن إصدار التوجيه الملكي إلا بعد ملاحظات واردة من ” نزاهة ” تؤكد تعرض الموظف المبلغ من مضايقات متعمدة من قبل مختلف القيادات في الإدارات المعنية. وسيتغير الواقع المشاهد بمشيئة الله تعالى عقب أن يشعر الجميع في أعمالهم الرسمية بالأمان والاطمئنان في حال التعاون مع ” نزاهة ” وغيرها من الجهات الرقابية الحكومية العسكرية منها، والمدنية على حد سواء. فهل سيودع المجتمع سنين الفساد بلا رجعة .. ؟
مادامت الواسطات شغالة فلن يختفي الفساد