لوحظ في السنوات الأخيرة تفشي ظاهرة أصبحت بمثابة جرثومة اخترقت نظام المناعة في المجتمع، مرض يصيب الجميع، المتزوجة والبكر، الصغير والكبير، ولا يعرف الفرق بين محجبة وسافرة، فالجميع عرضة لهذا المرض. إنها جرثومة التحرش الجنسي بصفة خاصة والتحرش بمجمله بشكلٍ عام. القضية التي شغلت الرأي العام وأصبحت محض اهتمام المدركين لخطورتها، مما اضطرهم للبت سريعًا في الأمر لإيجاد علاجًا لها وإيقافها.
للأسف نحن مجتمع نعلي قيمة جسد المرأة، فنضع كل اللوم عليها وكأنه تعالى لم يقل في كتابه الكريم:
“قل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ”.
فالقول بأن السبب هو لباس المرأة المثير والمغري أو عطرها الفواح مقولة غير صحيحة. وقد أظهرت دراسه أجراها المركز المصري لحقوق المرأة بأن أغلب من تعرضن للتحرش هن المتحجبات !! وهذا الرأي يعالج ما ظهر على السطح فقط، بناء على رؤيته القاصرة دون أن يتطرق إلى أسبابها..
أما الرأي الآخر حولها إلى ظاهرة نفسية، قاموا بدراستها وتحليل جذورها العميقة التي تسبب هذه المشكلة وما ينتج عنها في آن واحد.. فعرفوا التحرش بأنه أي صيغة لفظية غير مقبولة أو أي فعل يغلب عليه الإيحاء الجنسي.
الأمر الذي ينتهك جسد أو خصوصية أو مشاعر شخص ما وتجعله يشعر بعدم الارتياح، التهديد، الإهانة، الترهيب حد
الانتهاك أحيانًا. لذا فهي ظاهرة مركبة متعددة الأسباب تفصح عن نفسها في أكثر من مكان.
وقد عول الباحثون تفشي التحرش بمجمله إلى عدة عوامل تشجع تلك الممارسات.. منها صمت من وقع عليه الفعل خشية الفضيحة، فهذا يشجع على انتشار تلك الظاهرة.
والعامل الأهم، انحلال القيم والمبادئ عند من يحاول بشدة مواكبة الحياة المعاصرة التي تفرض عليه أكثر من نمط سلوكي جديد قد يتنافى مع قيمه التقليدية، مما يجعله فريسة سهلة لازدواجية السلوك.
وأخيرًا.. لا ننسى رغبة الرجل الملحة في إثبات قدرته على ترويض النساء إرضاءً لغروره فيتقمص شخصية (الدونجوان).
لذا فإن جميع ما سبق ذكره بالإضافة إلى تراجع الوازع الديني والسلوك الفردي الخاطئ، واختفاء القيم والعادات التي تربينا عليها من الصغر مثل: مفاهيم الشهامة والرجولة التي انطمست، فتحت للتحرش عدة أبواب.
اليوم وبفضل قانون التحرش الذي أقره مجلس الشورى مؤخرًا تستعد المرأة السعودية للتشهير بكل من يتحرش بها، فإن القانون الذي جرم التحرش وعاقب من يقوم به يعطي المرأة شعورا بأنها كينونة قوية مستقلة تشارك الرجل في جميع مجالاته قادرة على مواجهة المشاكل وصدها أيًا كان مصدرها. مما يجبر المجتمع بأكمله على ازدراء هذا الفعل المشين واحترام كل من تصدى له..
فعلا نسأل الله الهدايه للجميع أصبح مجتمعنا مخيفة وبالذات بعد إصدار قرار سواقة المرأة نتمنى أن تكون هناك جزاءات صارمه لكي نطمأن علي جمعنا الكريم