انطلقت في الأسبوع الأول من شهر رمضان فعاليات الملتقى الإعلامي السعودي – التركي الذي نظمته إدارة الصحافة والإعلام برئاسة الوزراء التركية، وبحضور معالي سفير المملكة العربية السعودية وليد عبد الكريم الخريجي وبحضور عدد من الإعلاميين وكتّاب الرأي من الجانبين السعودي والتركي. كما تشرّف الجميع بحضور حفل إفطار على مائدة سعادته ومن رجال السلك الدبلوماسي من عدة سفارات. ثم كان هناك حفل خطابي في اليوم التالي شارك فيه كل من السفير التركي في المملكة العربية السعودية “أردوغان كوك” ونائب رئيس حزب العدالة والتنمية “هاليل أوزكان”، وشخصيات بارزة من إدارة الصحافة والإعلام برئاسة مجلس الوزراء التركي وغيرهم – حسب صحيفة الوطن 27/5/2018م.
وقد استهلّ معالي السفير كلمته بدور المملكة العربية السعودية من (القضية الفلسطينية) وأنها قضية محورية لها. وأنه استشهد على أرض فلسطين العديد من الجنود السعوديين الذين حاربوا من أجل القضية الفلسطينية منذ عام 1948م، ولا زالت المملكة تقدم كافة أنواع الدعم الاقتصادي والاجتماعي للشعب الفلسطيني.. وتقف بجانبه في قضاياه العادلة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.. فلا مزايدة على دور المملكة العربية السعودية تجاه القضية الفلسطينية.
كما أكد السفير على تطابق وجهات النظر بين أنقرة والرياض في ملفات متنوعة أهمها ملفات اليمن وسوريا والعراق. وعدم موافقة أنقرة على سياسة إيران في المنطقة العربية. كما أكد السفير التركي بأن هناك دعمًا تركيًا قويًا للسعودية ومنها إدانتها (لقانون جاستا) الذي فرضته المحكمة الأمريكية.
وحقيقة فالمتتبع لحال وضع الصحافة والإعلام عمومًا- للأسف- يجد أن هناك فعلًا من يصب الزيت على النار في القضايا التي ربما تكون هامشية وليست ذات أثر كبير، ولكن الهدف إحداث بلبلة وتشويش وفوضى.. مع أن العلاقات السعودية – التركية هي علاقات وطيدة ومتجذرة تاريخيًا. فهي علاقات قائمة على المشتركات الاستراتيجية والتي من أهمها (الدين الإسلامي) الذي يربط المسلمون، ويوحدهم في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
والسعودية لديها علاقات وطيدة مع تركيا منذ عام 1966م في عهد الملك فيصل – رحمه الله- وهي علاقات تاريخية ثقافية تشهد بعمق العلاقة، والحرص عليها من قبل المسؤولين في كلتا الدولتين بما يحقق المصالح المشتركة.
كما كانت هناك علاقات منذ عام 1984م حينما زار الرئيس التركي (كنعان إيفرين) المملكة، وكذلك زيارة رئيس الوزراء التركي (تورغت أوزال) في نفس العام لإرساء علاقات متبادلة بين الدولتين. وقد أبرمت الكثير من الاتفاقيات الاقتصادية والثقافية، كما تم افتتاح مراكز للأبحاث العلمية والثقافية المشتركة بين الطرفين.
وكانت هناك علاقات متميزة في عهد الملك عبدالله بن عبد العزيز- رحمه الله – حيث زار الجمهورية التركية بتاريخ 8-10 أغسطس عام 2006م، وكذلك زيارة أخرى بتاريخ 9-10نوفمبر 2007م حيث قلّد الرئيس “عبدالله غول” وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى.
بل شارك الرئيس “رجب طيب أردوغان” في تشييع جنازة الملك عبدالله -رحمه الله – مما يؤكد على عمق العلاقة الأخوية القائمة على الاحترام والصداقة بين الدولتين. وبوصول الملك سلمان – يحفظه الله- إلى سدة الحكم بدأت علاقات رحبة وواسعة من التعاون المشترك؛ حيث كانت هناك زيارات متبادلة بين القيادتين السعودية والتركية. كما اجتمع الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- مع الرئيس أردوغان في القمة الاقتصادية لمجموعة العشرين في أنطاليا عام 2015م، وتوجت هذه الزيارة بزيارة أخرى قام بها الملك سلمان إلى أنقرة عام 2016م، وتخللها إبرام العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والثقافية والاستثمارية وإنشاء مجلس تنسيقي سعودي تركي.
كما شاركت المملكة في القمة الإسلامية بشأن القدس في إسطنبول في 13 ديسمبر 2017م.. كل ذلك وغيره الكثير يؤكد على عمق العلاقات التاريخية الاجتماعية الثابتة والراسخة بين البلدين والشعبين السعودي والتركي.
إن المملكة العربية السعودية لها ثقلها الاقتصادي العالمي ومكانتها السياسية، ولن تنافسها دولة في العالم على قيادة العالم الإسلامي.. وما يردده بعض الغوغائيين برغبة (العثمانيون الجدد) في المنافسة لهو كلام هراء.. وكما أكد معالي السفير: إن استمرار الأقلام المشبوهة في بث الفتن والشائعات لا يصب بأي حال في مصلحة أي من البلدين، ولا بد من العمل على بناء الجسور، وأن تتصف الصحافة الحرة بالنزاهة والصدق والحيادية في الطرح، وأن الكلمة أمانة في عنق كل من يتعامل معها ولا طائل من التأويل والتهويل لأهداف مغرضة.
وهذا الطرح يتناسب مع ما أكده معالي وزير الثقافة والإعلام في جدة في حفل الإفطار الذي أقيم للصحفيين العرب يوم الخميس الموافق 24/5/2018م بضرورة إيجاد (ميثاق شرف للإعلام العربي) الذي يهدف إلى تعزيز المصداقية، والبعد عن اختلاق القصص وتزييف الحقائق، والتي للأسف يأخذها العامة والغوغائيون ورويبضة تويتر ونشرها بالتضخيم والتأويل. نحن بانتظار معالي وزير والإعلام لتفعيل ميثاق الشرف الإعلامي الذي لم يعد ترفًا، بل ضرورة لمواجهة تحديات التهويل الإعلامي.