في زمن تندر فيه الأخبار السارة، هطلت علينا خلال العام الماضي، دفعة واحدة. فبعد انتظار طال، وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بمنح المرأة السعودية المزيد من الحقوق: قانون قيادة المرأة للسيارة، وقانون حمايتها من التحرش الجنسي. والآمال تتصاعد في انتظار قانون ثالث لا يقل أهمية: قانون “حماية الوحدة الوطنية” الذي يجرم خطاب الكراهية والتفرقة على أساس العنصر والطائفة والجنس.
واليوم الأحد، انطلقت المرأة بسيارتها في شوارع المدن وطرقات البلاد، بعد أن هيئت لها الأسباب خلال العشر الأشهر الماضية، ففتحت لها مدارس القيادة، وحصلت آلاف السيدات على رخص القيادة بنفس الشروط التي طبقت على الرجل، وتم إعداد عشرات المحققات لتولي قضايا الحوادث والخلافات المرورية، وإن كانت هناك من مزايا عن الرجل، فقد وفرت لهن مواقف خاصة في الجامعات والمدارس والأسواق، تقديرًا وتكريمًا لنصفنا الأجمل.
ورغم المخاوف، إلا أنني أتوقع أن تثبت المرأة السعودية، كما فعلت مع كل فرصة أتيحت لها من قبل، بأنها قائدة ماهرة، حريصة، وآمنة. فقد شكك المثبطون من قبل في قدرتها على خوض مجالات التعليم، والابتعاث، والعمل في كافة المجالات بما في ذلك التجارة والأعمال، الشرطة والعسكرية، الهندسة والطب، ونجحت فيها جميعًا، ووصل بعضهن إلى العمل في صناعة الصواريخ والأقمار الصناعية.
كنت أقول لناشطة أمريكية وأخرى عربية التقيت بهما العام الماضي في مؤتمر دولي أن عليكم الكف عن التدخل في شؤون المرأة السعودية، فهي قادرة على إقناع مجتمعها بإعطائها حقوقها التي كفلها الشرع، وطمأنته إلى كفاءتها واستحقاقها بما أنجزته من قفزات في مجال التعليم والعمل، والمساهمة في خدمة الوطن والتنمية. ولن يؤدي أي تدخل خارجي إلا إلى إحراج تلك الجهود وإظهارها وكأنها تلبية لتحريضكم وضغوطكم. فالمرأة السعودية حققت الكثير من الإنجازات الهامة، بجدارتها وتشجيع حكومتها ومجتمعها، فهي اليوم بمرتبة وزير، ورئيس مجلس إدارة بنوك وشركات كبرى، ومسؤولة في القطاعات الحكومية والأمنية والتعليمية والإعلامية والرياضية. كما أنها تُمثل نصف طلاب المدارس والجامعات والمبتعثين، وتحقق أفضل النتائج والمعدلات. وتستطيع اليوم أن تصوت وتترشح في المجالس البلدية ومجالس إدارات الغرف التجارية والشركات، وتمثل في مجلس الشورى نسبة تفوق نسبة النساء في الكونجرس الأمريكي ومعظم البرلمانات الأوروبية. كما صدر مؤخرًا نظام جديد للولاية يسمح للمرأة بالعمل والتعلم بدون موافقة ولي أمرها. (وفي نظام القيادة الجديد، تمت مساواتها مع الرجل في سن الرخصة، ١٨ عامًا، وفي عدم الحاجة لموافقة ولي الأمر).
واختتمت بالإشارة إلى أن كل هذه النجاحات لم تهتم بها منظمات حقوق المرأة، رغم أولويتها، وركزت فقط على مسألة قيادة المرأة للسيارة وكأنها قضية القضايا. ومع ذلك فالأمل أن يصدر نظام يسمح لها بذلك في القريب العاجل.
دار هذا الحوار بيني وبين الناشط الأمريكي وزملائه من العرب والأجانب قبل قرابة عام، وهانحن اليوم نحتفل بتحقيق حزمة مطالب، دفعة واحدة.
مرحبًا بالمرأة السعودية في كابينة القيادة، لتشارك شقيقها الرجل إدارة التنمية وبناء الوطن. فآفاق المستقبل ورؤية السعودية ٢٠٣٠ تتسع لكل السواعد والعقول.