خلال موسم حج العام الماضي برز برنامج (كن عونًا) الذي أطلقته وزارة الحج والعمرة للمرة الأولى، وكان البعض يتوقع عدم نجاح البرنامج في استقطاب الكفاءات الجيدة، باعتباره وليدًا، إضافة إلى أن محتوياته مليئة بالأعمال والأنشطة التي قد يصعب تنفيذها.
غير أن كل التوقعات السلبية ذهبت سدًا، فقد ظهر البرنامج بمحتوياته وإصرار القائمين عليه والمشاركين به على تحقيق الأفضل، وظهرت المؤشرات مؤكدة ذلك، وجاء موسم حج هذا العام ليبدأ البرنامج موسمه الثاني فيجد المتطوعون مقاعدهم في انتظارهم ليقدموا إبداعاتهم وينمو قدراتهم، بعد أن منحتهم وزارة الحج والعمرة الفرصة لإثبات جدارتهم، والتشرف بنيل شرف المشاركة بخدمة الحجيج، والمثوبة والآجر من رب العباد.
ورغم أن برنامج (كن عونًا) كانت بداياته الأولى العام الماضي إلا أنه استطاع أن يحصد أرقامًا جيدة، إذ تجاوز عدد المسجلين فيه الثلاثة آلاف، فيما تجاوز عدد المشاركين حاجز الأربعمائة مشارك، ومثل هذه الأرقام تعد أكثر من جيدة في برامج التطوع الموسمية.
وقد آثار النجاح الذي حققه البرنامج حفيظة البعض، فوجهوا انتقاداتهم له بأسلوب يشير إلى عدم نجاحه، دون النظر للمؤشرات المحققة، وجعلوا من الدعم والتشجيع الذي قدمته الوزارة لبعض المشاركين من خارج منظومتها طريقا يسلكونه لنقد البرنامج، فاعتبروا أن المكافأة المالية التي قدمتها الوزارة لمن حضرن الاجتماعات وساهمن بشكل بارز في رسم الخطط والبرامج خروجا عن المألوف، متناسين أن هذه المكافآت صرفت لبعض المشاركين نظير جهودهم وتواجدهم قبل وأثناء وبعد تنفيذ البرنامج، ومشاركتهم الفاعلة في وضع خططه.
والحقيقة أن وزارة الحج والعمرة أرادت أن تقول شكرًا لكل من ساهم في هذا العمل، وشكرًا لكل من وقف معها في إنجاحه، فقدمت لهم ما قد يراه البعض كثيرا وتراه هي قليلا، فكانت تلك المكافآت تقديرا لمن سهروا ليلهم وواصلوه بنهارهم، وتركوا أعمالهم وتكبدوا مشقة الوقوف تحت أشعة الشمس قبل وأثناء تنفيذ البرنامج بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، ليظهر بما رأيناه.
أما من يحاول المساس بالبرنامج من قريب أو بعيد بهمسة هنا أو هناك، فعليه أن يتذكر بأن البرنامج الذي كانت ولادته قبل عام استطاع تحقيق الكثير من الإنجازات التي لم يحققوها هم أنفسهم أثناء عملهم.
ولعل أبرز ما حققه ( كن عونًا) أنه ضم مستويات ثقافية متعددة، ونخب من شباب وفتيات الوطن فبينهم الطالب والطالبة، والمعلم والمعلمة، والطبيب والطبيبة، والأستاذ الجامعي والأستاذة الجامعية، وربة المنزل وغيرهم، وقد ساهم هذا التنوع في تخصصات المشاركين والمشاركات في إنجاح البرنامج وإخراجه بصورة لم يكن الكثيرون يتوقعونها.
أما النجاح الحقيقي لا يكمن في صرف مكافآت مالية، بل في النتائج التي حققها، من خلال التواجد الدائم والمستمر في المواقع سواء بمكة المكرمة أو المشاعر المقدسة، ووقوفهم بالشوارع والطرقات وحول الحرم المكي الشريف نهارًا تحت أشعة الشمس، وليلًا والآخرين نيام.
والواجب يقتضي أن نقول لجميع المشاركين والمشاركات شكرًا على ما قدمتم، لا أن نقف غاضبين على منحهم مكافآت مالية بسيطة، فهؤلاء لم يسعوا للحصول على مكافآت مالية وخطابات شكر وتقدير يبرزونها هنا وهناك، لكنهم عملوا لهدف واحد وهو خدمة ضيوف الرحمن، وتقديرًا لهم منحتهم وزارة الحج والعمرة تلك المكافأة .