المقالات

في راسه حب ما انطحن

كثيرًا ما نسمع هذه العبارة على ألسنة العامة، والتي تعني أن أحدهم لا زال يكابر أو يناطح صخرة كتلك الصخرة التي قال فيها الأعشى:
كناطح صخرة يومًا ليوهنها .. فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
أخي الوعل رفقًا بقرنك فمازال لك به حاجة بل حاجات
إن محاولة طحن كل الحبوب يستهلك جهدك ووقتك وصحتك وربما قيمك وأخلاقك
ليس من الحكمة التصرف بعقلية الوعل دائمًا ومحاولة مناطحة الصخرة التي هي بلا شك أقوى وأثبت وأكثر تجذرًا من قرن وعل بل من الوعل كله٬
ربما من الحكمة أحيانًا أن تدع طحن الحبوب ومناكفة الصخرة لغيرك٬
لاسيما مع تقدم العمر وضعف القوى والحاجة إلى البقية الباقية منها لإكمال المشوار
والذي هو في حد ذاته صخرة ستتكسر عليها الكثير من القرون
قد يكون السبب وراء رغبة البعض الظهور بمظهر الطاحون أو الوعل مركب النقص الذي يعتريه أحيانًا فيحمله على تقحم المواقف وارتكاب الحماقات الواحدة تلو الأخرى
لا لشيء إلا ليقال عنه “قوي” “ذيب” وما درى المسكين أن أحد تلك الحبوب٬
قد يكلفه حياته أو جزءًا منها وعندها سيلعن الحبوب كلّها
عش في سلام ودع الآخرين يعيشون في سلام.
الأرض تتسع لك ولغيرك
القرار الأكثر نضجًا وعقلانية أن تنحني للريح العاتية ريثما تمر فليست تهب كل يوم.
الأرض تحتاج إلى من يعمرها بالحق والجمال والفرح ولا أظن أن الوعل الذي يرى كل ماحوله صخرة يمتلك مقومات البناء والإعمار.
حاول التصرف كلاعب يبحث عن هدف لا كحكم يبحث عن خطأ داخل الملعب٬ والذي هو هنا الحياة على اتساعها.
ولن تكون كذلك ما لم تر الجمال في ذاتك أولْا وفي كل ما حولك ثانيًا.
من الذكاء أحيانًا أن ندع الذكاء أن ننحيه جانبًا على قاعدة
ليس الغبي بسيد في قومه .. لكن سيد قومه المتغابي٬
بل إن من الدهاء أحيانًا ترك الدهاء.
دعهم يسجلون الكثير من الأهداف٬ لكن بمزاجك
كذلك الأب الذي يلاعب ابنه فبينما الصغير ينتشي مع كل “كبري” يمر من بين قدمي أبيه يزداد الأب ضحكًا ونشاطًا وإقبالًا على الحياة.
كثيرون هم الصغار من حولك دعهم يشعرون بأنهم أطول منك٬ أحيانًا أذكى أقوى لايهم طالما أن ذلك بمزاجك.
يومًا ما ستصل إلى القناعة الكاملة بأن الحياة أرحب وأوسع وأجمل.
إلى ذلك الحين حافظ على على قرونك وتخلص من تلك الحبوب التي حوّلت عقلك إلى طاحون.
​​​​​​​​​​

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى