إن النتاج الفكري للإنسان يمثل خلاصة تجربته في الحياة؛ حيث لا يمكن لأحد أن يكتب حرفًا مقروؤًا يتم تداوله إلا وقد مر بمراحل عديدة تمثل حصيلته العلمية ناهيك عن عمره المديد الذي قضاه في المطالعة والبحث والتقصي في المسائل المتعلقة بتخصصه وغير تخصصه؛ حتى يصبح في درجة تمكنه من طرح أفكاره للآخرين وحينها يضع نتاجه في ميزان النقد إما بتأييد أو معارضة، وللإحاطة كل من كتب حرفًا كان تحت طائلة الأخذ والرد إلا صاحب ذلك القبر – صلى الله عليه وسلم- حيث كان رسولًا أمينًا من ربه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
ولكن كل من جاء بعده لا يمكن الجزم بصدقه أو كذبه إلا من كان حرفه موافقًا للحق والعرف والمنطق والعقل، ومن أولئك الناس سفر الحوالي الذي بلغ من العلم درجة كبيرة لا يستهان بها له محبون ومخالفون؛ حيث وصل لمرحلة يجب أن يحترم حرفه فيها.
ولكن للأسف
إن ما طرحه في كتابه الأخير إن صحت نسبته إليه المسمى “المسلمون والحضارة الغربية” يخالف المنهج المتبع في المملكة العربية السعودية كمًا وكيفًا.
حيث خرج من عباءة تخصصه الديني إلى الحديث في السياسة بشكل يوحي ضلوعه فيها وممارسته الدائمة لصنوفها وظروفها.
ومما جاء في كتابه
أنه جعل من الحكومة السعودية دولة “ظالمة. فاسقة. منحرفة ”
ليس لها إرادة سياسية ولا حكمة إدارية ولا تربية اجتماعية ناهيك عن تمجيده الدائم في طرحة “للسياسة التركية “وإشادته الدائمة بسلطانها “أردوغان” واعتبارها هي قائدة العالم الإسلامي حتى ولو كانت أخطائها كثيرة إلا أنها في نظرة تمثل الإسلام بوجهه الجميل.
كما أنه يرى أن الحركات الإسلامية التي ظهرت بعد حادثة جهيمان ذات أهداف سامية، وإن لم يصرح بها في كتابة إلا أن تعاطفة وتأييده لها بطريقة خفية توضح للقارئ أنه يتبنى فكرهم العنيف لأنهم أفضل من “الحكومة السعودية “.
كما أنه انتقد كثيرًا هيئة كبار العلماء واعتبرهم السلطان “وليسوا مفتين حقيقيين ووجه نقده لكثير منهم بالاسم. كما أنه يرى أن الحكومة السعودية خائنة للقضية الفلسطينية حيث يعتبرها باعتها من أجل إرضاء الغرب ولكي تبقى على كرسي السلطة.
ناهيك
عن اعتبار بعض المناوئين للسياسة السعودية أصحاب تأثير في الرأي العام الاجتماعي حتى ولو كانوا على ظلال خصوصًا أصحاب المعرفات التويترية كمجتهد ونحوه. بالإضافة أن توجيهه للنصح للحكومة السعودية فيه شيء من التهكم بسياستها واعتبارها تبعا للغرب الكافر – كما يرى ذلك – ومهما حاولت الإصلاح فإنه يعتبر إصلاحًا صوريًا لا يتعدى أوراق جرائدهم، لذا يدعو دائمًا أن يتم فتح السجون على مصراعيها لإخراج أصحاب الفكر الضال وعدم محاسبتهم ليكون إصلاح الحكومة السعودية ذا معنى.
خلاص القول:
إن الشيخ سفر الحوالي أشبه بمن لبس حزامًا ناسفًا ووقف في جموع الناس وقام بتفجير نفسه من خلال كتابه لكي تصل رسالته للناس. لذا كل المتعاطفين معه أو المؤيدين لفساد فكره يجب الأخذ على أيديهم فليس من المنطق أن تكون السعودية وماتقوم به من جهود لحفظ الأمن وخدمة للحرمين الشريفين ورفعة للإسلام والمسلمين في كل مكان على خطأ وهم على صواب.
احبتي:
إن أي حكومة في الدنيا لا بد لها من أخطاء، ولكن مانشاهده حولنا نرى أن وطننا الحبيب لا يقارن بتلك الحكومات لكونه جعل نصب عينيه حماية شعبه ورفاهيته واسألوا كل من طاف الدنيا سيقول السعودية حكومة وشعبًا بالمقاييس الحديثة يعتبرون الأفضل من حيث السياسة الخارجية أو الاستقرار الداخلي أو اللحمة بين القيادة والمواطنين.
السؤال الذي يطرح نفسه للحوالي ومؤيديه..
هل السعودية لهذه الدرجة من القبح في نظركم وهي من ساهمت بعد الله في تحصيلكم العلمي الذي تحاربونها به؟
وهل غيرها من الدول التي تعتبر العلمانية هي الدستور الشرعي لها أكثر إسلامًا وإيمانًا من السعودية؟
أترك الإجابة لضمائركم، إن كان لديكم ضمائر ..