يُعرَّف الطب التجميلي (في بعض المصادر) على أنه مصطلح شامل للاختصاصات التي تركز على تحسين المظهر الجمالي للأفراد (كل حسب اهتمامه ورغبته)؛ بحيث تنعكس نتائج عمليات الطب التجميلي بشكل إيجابي على (طبيعة حياة الأفراد) دون أن تشكل خطرًا عليهم وبما (يعزز السعادة النفسية والدور الاجتماعي لهم).
هذه المقدمة عن الطب التجميلي تذكرتها وأنا أقرأ في ثنايا الأهداف التفصيلية لرؤية 2030 والتي منها *(تحسين المشهد الحضري في مدننا وبيئة الأعمال وتعزيز قيم الوسطية والتسامح)*، وسألت نفسي كيف يمكننا أن نبني وطنًا طموحًا (تسببنا) في تشويه مدنه وشوارعه، ثقافته، قطاعه الوظيفي العام وووو؟ وتخيلت ماذا لو استعنا بكبار شركات التجميل (الاستشارية) هل يستطيعون إصلاح ما أفسدناه؟
وأنقل لك عزيزي القارئ خلاصة ورشة عمل عَقدْتُها مع شركة (بوزينزي) للاستشارات:
إن المدن، كالأجساد، بحاجة لجراحات ترميمية تزيل التجاعيد عنها و تبرز مفاتنها الطبيعية التي تأثرت بعوامل التعرية ومرور الزمن أو بأعمال إنشائية لا تناسبها وتشوه جمالها، فالنمو السكاني المتزايد والحياة المدنية بما فيها من تقنيات ومصانع وعوادم سيارات وما تفرزه من ملوثات بيئية، جعل مدننا بحاجة (لزراعة) حزام أخضر حول خصرها (يحميها من زحف الرمال) وعلى (حقن) وسطها بمساحات خضراء تعمل كَرِئة للمدينة وتساعد على تلطيف أجوائها وتجديد هوائها وتنقيته من الغبار لعله يساعد في تغيير لون بشرتها من الأصفر الشاحب إلى مدن خضراء نظيفة. ليس هذا فقط، بل تحتاج (لإزالة ندب) بعض العشوائيات التي نمت في غفلة من (…) وصارت بحاجة للاستئصال قبل أن تتحول (ورمًا)، كما أن على أصحاب القرار التفكير في السيطرة على (قوام رشيق) للمدن ينمو عموديًا ولا (يترهل) ويتوسع أفقيًا حتى يتم تزويد الأحياء الجديدة بكافة الخدمات العامة الرئيسية لها (الماء والصرف الصحي والكهرباء والأمن العام) في وقت قياسي.
أما الشوارع، فقد أنهكتها (مشارط ) المقاولين، فبعضها فعلًا بحاجة إلى عمليات (شد أو تقشير كيميائي) وربما الاثنتين معا إما بسبب مشروعات غير مكتملة، أو حفريات (تتوالد) كالأرانب بسبب شركات فاسدة أمنت عقوبة المراقبين.
بالنسبة لتحسين بيئة أعمال الوزارات والهيئات الحكومية (القطاع العام)، فقد اتفق (الاستشاريون) على أن هذه (الكيانات) تحتاج، قبل وأثناء تطبيق مشروع التحول لرأس المال البشري الذي أقرته الدولة، عمليات لا حصر لها، في مقدمتها عمليات (استئصال بالموجات المتذبذبة) لدهون العنصرية التي تكدست في بعض مناصبها ووظائفها وإن اختفت خلف مسميات ( الفصيلة والعشيرة والفخذ والبطن)، ولعمليات فورية (لشفط) البيروقراطية الزائدة (وإزالة شحوم) هيكلها الإداري المتضخم الذي أحالها دبًا تصعب عليه الحركة بخفة ورشاقة تتناسب والروح الشبابية للسعودية.
وتوضح الدراسة الاستشارية بأن التحدي الأكبر يكمن في (إزالة الانتفاخات غير الطبيعية) لبعض أنسجة المجتمع بسبب تغذية متطرفة تحولت إلى نفايات فكرية تعزل المجتمع عن بعضه وتكاد تدمر كتلته الواحدة، وهذا يحتاج خبرة وحنكة خبراء متخصصين (لتحويل) ما علق في البدن من سموم فكرية (إلى) طاقات إيجابية تبني وتساهم في بناء مستقبل هذه البلاد حتى يترك بصمة له في سجل الإنجازات العالمية كما فعل أسلافنا من قبل.
خاتمة الدراسة
كل فرد في المجتمع لابد وأن يسعى لتطبيق المعنى الحقيقي لمواطنة مسؤولة (نتحمل المسؤولية في أعمالنا – مجتمعنا – حياتنا) وهذا لا يكون إلا ببناء أفراد نفوسهم مشبعة بالمحبة لكل ما هو جميل (قولًا وفعلًا) حتى ينعكس ذلك على أدائهم وسلوكهم، أليس كل إناء بما فيه ينضح؟