العيد حكاية سرمدية، وتراتيل حبٍّ فسيفسائية تُراقِص ألوان الطيف السبعة.
العيد روضٌ يانعٌ من البسمات النّقية تُشِيع الجمال بكل اللغات الحيّة وغير الحيّة.
العيد أرجوزة عذبة تشدو بها حناجر الأطفال، ومطيّة جامحة تلهو مع ضحكاتهم الأثيرية، فما عسى أن يكون العيد إن لم يتقاسمه أطفالنا مع يتيمٍ قد حُرِم الحلوى، وبين أضلعه زفراتٌ وولهٌ، فقد مات أبوه قبل أن يُحضِرَ له الهدية؟
وما العيد إن لم يكن خُلقًا كريمًا يُتوّج رؤوسنا، ونزهو به زهو مليكٍ بتاجه المُرصَّع باللآلئ والجُمَان؟
وما العيد إن لم يكن حبلًا من الوصل يشدّنا كي لا نهوي في وديان القطيعة العمياء، وتسكننا كهوف الوحشة؟
وما العيد إن لم يكن آنية من حجر كريم مملوءة بطيبات النّعم، منكّهة بالعطف، مسافرة على أجنحة الودّ إلى من حرمتهم الدنيا رغيد العيش، ولذيذ الزاد؟
وما العيد إن لم تنقلنا أقدامنا إلى مريض قد أقعده سقم بدنه عن التجوال بين أحبّتِه يروم الوصال؟
وما العيد إن مرَّ ولم يدحر الجفاء بين الأحبة، ويهديهم تسامحًا وعفوًا، ويُشِيع في قلوبهم الصفاء؟
أيّها العيد! إن جئتنا ولم تسُق لنا سُحبًا مثقلة بالجود تمطر بها أفئدةً أدمتها خناجر الغدر فتكلأ جراحها، ولم تُبدّد بضوء سراجك سواد الظلمة عن قلوب استوطنتها الكراهية، ولم تنسج من نور هلالك تعويذةً تطرد بها وسوسات الشياطين والمردة، فأنت يا عيدُ لست ببِعيد!.
أيّها العيد! إن لم تُنبِت بفيض غيثك الزّهر في أديم أرواحٍ أشقاها التّنكّب عن طريق الإله، ولم تغمر بموج بهجتك قلوبًا قد أضحت مرتعًا للأحزان، ولم يضحك لقدومك ثغر، ويبسم زهر، ويرقص لإطلالتك الدّهر، فأنت يا عيدُ لست ببِعيد!.