• استيقظ سكان الولاية ذات صباح على قرار الحاكم بوقف استيراد جميع السلع الاستهلاكية والأساسية من الخارج والاعتماد على ما تنتجه البلاد فقط، ولقد أتبع قراره هذا بمنع المواطنين من تداول أيّ منتج خارجي قبل إعلان القرار، وأمرهم بالاعتماد على ما لديهم من منتجات وطنية، وحث الناس على استغلال مواهبهم والاعتماد على أنفسهم في إنتاج ما يحتاجونه بقدر المستطاع، ولم يكتفِ بذلك، بل توعد كل من يخالف هذا القرار بعقوبات صارمة؛ مما اضطر المواطنون إلى الإسراع في التخلص من كل ما لديهم من منتج مستورد.
أخرج الزوج هاتفه النقال من جيبه ليهاتف صديقه، لكنه تذكر أنّ عليه أن يتوقف من هذه اللحظة عن استعماله، فهو مصنوع في …، فتناول الهاتف الأرضي وقلبه على ظهره، وقرأ (صنع في …)!
• أسرعت الزوجة إلى المطبخ؛ لتحضر الحليب لرضيعها فتوقفت فجأة لأنها تذكرت أن الرضّاعة صنعت في …! وكذلك الكؤوس التي ملأت خزانة المطبخ، والصحون والملاعق والفناجين فتغير لونها، وهي تتفحص أدوات المطبخ بحثًا عن آنية محلية الصنع تصب فيها الحليب لولدها، الذي كان يتضور جوعًا فطال بها الأمد وهي تقلّب في الأواني، فتحت الثلاجة وابتسمت عندما وقعت عينها على قارورة الحليب المنتج محليًا، وما إنْ مدّت يدها لتتناوله حتى تذكّرت أنّ القارورة والثلاجة مصنوعتان في …! فدار رأسها، وكادت تسقط على الأرض، وهي تفكر كيف السبيل إلى الحليب؟
• توجهت إلى زوجها الذي كان منهمكًا في فرز الأشياء المستوردة استعدادًا لتسليمها إلى الجهات المختصة حسبما جاء في قرار المقاطعة لتشاركه العمل، وأبليا بلاء حسنًا فهما يؤيدان قرارات حاكم الولاية في كل شيء، ويعملان بجد وإخلاص على الالتزام بها، وبعد أنْ أخذ منهما التعب كل مأخذ وبعد أنْ قضيا نهارهما في جمع وتصنيف ما لديهم أحضرت الزوجة شريطًا لاصقًا وقلمًا، ورسمت علامة على كلّ ما تمّ استبعاده، ولمّا أرادا أنْ يستريحا أخذ كل واحد منهما يبحث له عن مكان ليس فيه منتجًا…!
• في بهو المنزل التقت عيونهما، فبكت هي، وأغمض هو عينيه، فحتى بلاط الأرض الخالية من كل أثاث ليس صناعة محليّة، ولمّا لم تجد منتجًا وطنيًا غير المناديل الورقية تناولت شيئًا منها لتمسح دموعها التي انهمرت لتبلل ياقة قميصها المصنوع في…! أما هو فقد خلع نظارته المصنوعة في…! أيضًا واستعاض عنها بتلمس الجدار القريب منه، والذي طلي بألوان لم تصنع محليًّا!، قالت في حزن ممزوج بسخرية: ما رأيك أنْ نخصف لنا ملابس وأحذية وفرش من سعف النخيل، وآنية من جذوع الأشجار وقدور من الفخار، فحبس غصة في حلقه واتجه إلى الشارع ليرى كيف أصبحت الولاية بعد هذا القرار؟ فيا ليته لم يرَ!!
• رأى الناس تلبس القميص والإزار المصنوعان من أوراق الشجر، يركبون عربات تجرها الدواب(المحليّة)، البيوت مخلّعة الأبواب، ورأى النوافذ، وقد سُترت بورق من كراسات الأطفال وطلبة المدارس.
• أحدهم كان يخبئ تحت قميصه شيئًا يبدو أنه طعام حصل عليه من أحد بيوت الأغنياء ليطعم أولاده الجياع، وبيوتًا هجرها أصحابها بحثًا عن الرزق.
• عاد إلى البيت وأقفل بابه، وحمد الله أن زوجته أصرت أن يصنعه نجار ماهر، وأن يكون خشبة من أشجار مزرعة جَدّها العامرة.
وبعد أن دلف إلى حجرته، وألقى بصرّة مفاتيحه على سطح مكتبه المصنوع من خشب الأبنوس، ومدّ جسده على أريكة من الشامواه الزاهي، وقبل أن يُسلِم جفونه للنوم تَبسمّ وقال في سرّه: شكرًا …! (! … thanks).
شطحة مرعبة …عشت هالشطحة للحظات مع اسلوبك الممتع …شكرا اديبتنا
الشكر موصول لك أبا حمزة
جميل فعلا ماشاء الله تبارك
طرح رائع وماتحمله ارضنا من ثروات للتقدر بثمن شكرا لله على نعمه علينا
شكراً لمرورك هيا ولك تحيتي
رائعه
مقال جميل وله معاني حلوها
فهل فعلا يقدر انسان أو مجتمع يعيش منغلق علي نفسه
الحمد لله على نعمه
شكراً لك أ.محمد
شكراً عبير ولك تحيتي
من جد شطحة مرعبة ، ولكن لو تؤخذ في عين الاعتبار ونبدأ الخطوة الأولى من السهل توفيره محليا الى ماهو أصعب حتى نصبح دولة مكتفية ذاتيا سنصطف مع الدول المتقدمة بكل تأكيد وإن غدا لناظره قريب
لفتة مميزة من شخصية متميزة ، شكرا لك بنت العم ?
شكراً لك يالغالية والأمل كبير