أتم الله على حجاج بيته وقاصدي فضله نسكهم وتنادوا بالعودة لديارهم شاكرين لله حامدين له، مثمنين ما لاقوه من حسن التعامل وفيض الخدمات التي لا ينكرها إلا جاحد أو يتعامى عنها إلا مطموس البصيرة قبل البصر. ومع ذلك ورغبة في التحسين والتطوير المنشودين كهدف للجهات المعنية فإني لي عددًا من الوقفات:
الوقفة الأولى: النظافة، المعضلة الأكبر – بالنسبة لي على الأقل – في كل موسم بسبب امتلاء الشوارع في كل المشاعر المقدسة وأحياء مكة المكرمة بالمخلفات والتي تحتاج لأسابيع بعد الحج لإزالتها.
وسبب ذلك يعود بشكل جزئي لعدم توفير أمانة العاصمة العدد المناسب للحاويات خصوصًا في مشعري عرفات ومنى والأحياء المفضلة للحجاج. وفي حال وجودها تجدها ممتلئة مما يجعل الحاج يرمي بجوارها. طبعًا لا أُغفل سوء تصرف لعدد لا يستهان به من الحجاج من خلال رميهم للقاذورات أني تيسر لهم دون مراعاة لحرمة المكان والزمان أو احترام لأنفسهم وإخوتهم من الحجاج مما يستوجب توجيهها مبكرًا عبر مكاتب شؤون الحج وشركاته فالنظافة مطلب شرعي وصحي ينبغي على الجميع الحرص عليه.
الوقفة الثانية: قلة عدد دورات المياه في المشاعر المقدسة مقارنة بأعداد الحجاج، مع شكر وزارة البلدية لما ابتدأته من مشاريع لزيادة أعدادها إلا أن ذلك لم يصل للعدد المقبول حتى الآن.
الوقفة الثالثة: ضرورة تقنين وتأهيل متعهدي التغذية الذين دخلوا هذا المجال الحيوي مؤملين أرباحًا فلكية دون أن تكون عندهم الخبرة الكافية للاضطلاع بهذه المهمة مما يتسبب في تذمر الحجاج من مختلف الجنسيات بسبب قلة الكميات أحيانًا وسوء الجودة في أحيانٍ أخرى. وكل ذلك مسيء لسمعة البلاد وقبل ذلك فيه إجحاف بحق الحجاج الذين دفعوا أموالهم ولم يجدوا المردود المناسب في مقابل ذلك.
الوقفة الرابعة: لأهل الخير عبر الجمعيات الرسمية ولجنة السقاية والرفادة جهود مشكورة لتنظيم وتأطير العمل الخيري من إطعام وسقيا لكن مع ذلك آمل صادقًا إعادة النظر في نوعية الوجبات وكمياتها وآلية توزيعها وتوقيتات ذلك كله وهذا الأمر ينجر للسقيا بكافة أصنافها من مياه وعصيرات وألبان لم لاحظه الكثيرون من وجود هدر وسوء توزيع بالتمركز في أماكن محددة وإغفال أماكن كثيرة. والخوف كل الخوف أن تتحول النية الحسنة لذنب عظيم جراء الهدر الحاصل.
الوقفة الخامسة: أتمنى إنشاء نقابة للإسكان تُوجد معايير لتقييم مساكن الحجاج ومتوسطًا لأسعارها ويكون تصريح المباني ابتداء عن طريقها ومن ثم توثيق عقود الإجارة، وأن تُسحب هذه الصلاحيات من مكاتب الحج التابعة للدول وشركات الحج الخارجية لما يتم بسببها من الغبن للحاج ومالك العقار بسبب تلاعب السماسرة وتفننهم في التنفع من الحجاج والملاك على حد سواء. والفكرة باختصار أن يكون هناك تصنيف لكل مبنى ومنطقة وحد يضع متوسط أسعار يحفظ للجميع حقوقهم ويقلل من نسب التلاعب والتكسب غير المشروع للسماسرة.
الوقفة الأخيرة: شكرٌ وثناء ودعاء من القلب لكل من ساهم في نجاح هذه الشعيرة العظيمة وتمكين الحجاج من أداء نسكهم في راحة واطمئنان ، وأخص بذلك رجال الأمن والعاملين في الحرمين الشريفين والمطوفين والكوادر الطبية وأخيرًا كل مكي ومكية من ساكني هذه البلدة المباركة.
حفظ الله هذه البلاد وأدام قادتها وأهلها خدمًا لبيت الله وزاور مسجد حبيبه ومصطفاه ﷺ.