تشكل خدمة ضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين وزوار أهمية مطلقة في سلم أولويات المملكة منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – وقد ظلت مقولة “خدمة الحجيج شرف لنا” شعارًا ولافتة وواجهة للمملكة على المستويين الرسمي والشعبي، تحرص الدولة والمواطن على تطبيقه قولاً وعملاً، عقدًا بعد عقد، وعامًا بعد عام منذ فجر التأسيس حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز- يحفظه الله -، حيث ظل العمل على تطوير وتجويد الخدمات المقدمة للحجيج على رأس خطط الدولة ومشاريعها الكبرى التي تجسد طموحاتها في ترسيخ مكانة المملكة باعتبارها أرض الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم، ومهبط
الوحي، وأرض رسالة الإسلام الخالدة، ومثوى خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
ويعتبر تعيين معالي وزير الحج لسيدتين لعضوية مجلس إدارة مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا مؤرخًا، ولأول مرة منذ إنشاء مؤسسات الطوافة عام ١٤٠٢هـ، خطوة جيدة وهامة في هذا السياق، إلى جانب ما تنطوي عليه هذه الخطوة من أهمية بالغة في تعزيز دور المرأة السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان، إلى جانب توافق تلك الخطوة مع رؤية ٢٠٣٠، وذلك في مجال يتسابق المواطنون رجالًا ونساءً في الانخراط في أنشطته انطلاقًا من إيمانهم بأن خدمة
الحجيج أمانة ورسالة ومسؤولية يقع عاتقها على الجميع.
وكمطوفة، ومعي العديد من الزميلات، وباعتبارنا جزءًا لا يتجزأ من النسيج الوطني لهذا الوطن الأمين، تظل غايتنا دومًا بذل كل ما في وسعنا من أجل خدمة الحجيج والمعتمرين والزوار وتسهيل أدائهم للمناسك بكل سهولة ويسر، وتوفير كافة سبل الراحة لهم منذ أن تطئ أقدامهم الديار المقدسة وحتى عودتهم إلى ديارهم سالمين غانمين، وكل ما نتمناه ونحن نتطلع إلى بذل أقصى ما في وسعنا لتفعيل وتطوير آدائنا في هذا المجال أن تتم مشاركة المرأة في مجالس إدارة مؤسسات ارباب الطوائف طبقًا لمعايير علمية يراعى فيها الخلفية العلمية والثقافية للمطوفات، وامتلاكهن للفكر الإبداعي والتطويري، والقدرة على التخطيط الاستراتيجي في إطار شخصية قيادية، وهو ما يمكن تحقيقه على ما أرى، من خلال الترشح والانتخابات، لأن ذلك أدعى للمفاضلة، وحتى لا يقتصر الترشح على من يعملن في اللجان النسائية الحالية.
وقد جاءت تصريحات معالي نائب وزير الحج والعمرة التي أدلى بها مؤخرًا لصحيفة المدينة خطوة أخرى على طريق التطوير الذي يعتبر استراتيجية عامة للدولة، حيث أكد معاليه على أن النظام الجديد لمؤسسات أرباب الطوائف – الذي مازال قيد الدراسة والذي يبحث في إعادة هيكلة منظومة الحج والعمرة بما في ذلك مؤسسات الطوافة – على حق المطوفات والزمزميات والوكيلات الترشح لعضوية مجلس مؤسسات أرباب الطوائف، “وهو حق موجود في السابق وضمن اللوائح، لكنه لم يكن مطبقًا”، بما يعتبر تدشينًا لمرحلة جديدة في تطوير تلك المنظومة، وأيضًا في تمكين وتعزيز دور المطوفات في الشراكة جنبًا إلى جنب مع المطوفين في النهوض بأعباء هذه الرسالة السامية والمهمة العظيمة، لاسيما وأن المطوفات يمثلن النصف في كل مؤسسة تقريبًا ويمتلكن نصف الاحتياطات. وما يزال يحدونا الأمل – نحن المطوفات- في أن تتضمن إعادة الهيكلة التي يجري النظر فيها الآن تعديلاً للمادة (٤٢ ينص على أن يتم اختيار المقعدين المقررين للنساء في كل مؤسسة عن طريق الترشح والانتخاب، ومن خلال آلية تتيح للفائزتين شغل المقعدين المقررين لهما في كل مؤسسة من تلك المؤسسات، فإن لم يتحقق لإحداهما أو كلاهما الفوز، يتم تعيين الاثنتين اللتين حققتا أكبر عدد من الأصوات. وفي النهاية فإن إعطاء دور للقطاع الخاص في مؤسسات الطوافة ومسألة الرسملة هما أكثر ما يقلق منسوبي هذه المهنة الشريفة التي يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد، وحيث سبق أن عبر العديد من المطوفين والمطوفات، ومن خلال وسائل الإعلام عن وجهة نظرهم حيال هاتين المسألتين الهامتين، مع الأمل بأخذ وجهة النظر تلك في الاعتبار خلال هذه الفترة التي يتم فيها “إعادة الهيكلة”.
طبيبة/ مطوفة بمؤسسة حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وامريكا وأستراليا