حمد الكنتي

بوح الملامح !

ما أجمل أن يحبك الناس وتبادلهم أنت تلك المحبة…وما أروع أن يشاركونك حياتهم؛ لتجد نفسك سارحًا في وجناتهم، غارقًا في حكايتهم، مستمعًا لهمومهم، ومستمتعًا بروايتهم، وممعنًا في لمعان عيونهم، وهم يروون لك حديث الكلمات وشجن العبارات.

ولأن الكلام حاجة بشرية والدراسات تقول على اختلافها: (بأن الرجل يتكلم في اليوم 10 آلاف كلمة، والمرأة تتكلم 20 ألف كلمة)، وهذا يبين أن البوح مهم جدًا للنفس البشرية، والإنصات هدية رائعة من السامع للمتحدث.
تقف تحت أشعة الشمس الجميلة تبحث عن تاكسي، فيقف لك أحد الراكضين على ثرى هذه البسيطة، وفي لحظة تجدك في سيارة منطلقة في زحمة الشوارع، وبينما تعزف الموسيقى الهادئة يبدأ هذا المرهق بعزف أنينه عبر حكايته مع الحياة، وقصته مع الزمن، وفي عمق تلك اللحظة التي يتجلى فيها بوحه عاليًا أجدني أسترق النظرات إلى عينيه فهنالك القصة الكاملة.
تدلف للمنام فيأتيك صديق جميل، ويقلك في سيارة البوح وما هي إلا لحظات وتجد نفسك أمام أغرب الحكايات المفعمة برائحة القهوة، وبينما أنت تكون غارقًا في حديثه الشجن، تخبرك أنوار الطريق أن هنالك نوافذ للأمل ستأتي بفجر جديد.
تأتي في المساء مرهقًا، فتجد أمامك (أمك) تعد الشاي وترى في ملامحها كلمات، فتجلس بجوارها لتحكي لك بكل شغف عن بعض تفاصيل شبابها، وتسكب لك الحب في كؤوسها المنعنعة والمعبقة بالحب.
تجلس في مكان الانتظار في مستشفى، فيأتي لك القدر بشخص، ويجلس بجوارك، وتلاحظ فيه الاضطراب والقلق فتسلم عليه؛ وكأنه كان ينتظر منك ذلك فيرد عليك السلام بعشرات الحكايات، ويروي لك قصص الألم حينها ما تملك إلا أن تواسيه بعبارات الأمل قبل أن تودعه، وتذهب في زحام الحياة.
حقًا…ما أجمل أن تفسح المجال لكل من تراهم في محطات الحياة فمن هذا تستفيد قصة، ومن ذلك عادة، ومن الآخر عبرة، ولا تدري قد تكون تلك القصص تسلية ربانية لك تخفف عنك مشاكل حياتك، وقد تستفيد من أحدهم شيئًا لم تكن تحلم به، وقد تجد أجرًا عظيما بالتخفيف عن مسلم بأن تزيح عن صدره الكثير من الألم بحسن سماعك له.

اللحظة الأخيرة: وفي العيون حكايات لا يفهمها الا من تأملها.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button