المقالات

رحلة إلى المدينة المنورة (2)

ما أجمل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ما أن وصلنا المدينة المنورة حتى نسينا قلة المحطات وبالتالي الخدمات على طول الطريق وكذلك نسينا عدم القدرة على استخدام دورات المياة. نسينا الساعات الطويلة على الطريق وحرارة الشمس والتعب. كل شيئ بمجرد الدخول إلى المدينة المنورة.
إنها طيبة الطيبة مدينة رسول الله، والمسجد النبوي الذي يبهرك. فالدولة بذلت الغالي والنفيس في تهيئة وتوسعة المسجد النبوي وتوفير الخدمات للمصلين والزائرين. خدمات عظيمة لا ينكرها عاقل. كم نبهر بالمظلات التي تغطي الساحة والتي تفتح بشكل اوتوماتيكي متتابع عند الشروق لتظلل على المصلين وتغلق عند المغيب. كم نبهر بالإهتمام الذي يولى للمصلين، من حيث تنظيف المسجد النبوي وتعطير السجاد للصلاة، وتوفير مياه الشرب البادرة للمصلين. وانتشار العمال للتنظيف على مدار اليوم فلا يكاد يقع شيئ على الأرض ألا و أُزيل مرة أخرى ليظل المسجد وساحاته الخارجية نظيفة للمصلين والزائرين. والمصلين والزائرين من ناحيتهم يثنون على ما يجدونه من اهتمام وكرم الضيافة، والسؤال هو هل الامتنان والشكر بالكلمات أم بالأفعال. دعوني اوضح أكثر.
سبق وأن زرت المدينة المنورة خلال شهر رمضان قبل حوالي ثلاث سنوات ولاحظت أن الناس يحبون أن يتسحرو في المسجد الحرام قد يكون هذا طبيعي ولكن ما هو غير طبيعي، المنظر الذي تؤل له ساحة المسجد بعد تناول طعام السحور. صحيح أن عمال النظافة يعملون على التنظيف فوراً لإزالة الطعام وتعطير المكان، ولكن المفروض أن يقوم كل شخص بجمع بقايا اكله وأن يترك المكان نظيفاً كما جاءة ..

حادثة أخرى، هذا العام في أول يوم عيد الأضحى، توزع الحلويات على المصلين خاصة الأطفال وبعضا منهم يوزع القهوة والماء، وهذا طبيعي أيضاً فهو يوم العيد. ما هو غير طبيعي أن تجد الكاسات الورقية على الأرض، واغلفة الحلويات ملقاة على ساحة المسجد والسبب (العامل سيلتقط الأوساخ وينظف المكان) لا أعرف هل هذا منطقي؟. الأم لا توجه إبنها وإبنتها ليلتقطوا أغلفة الحلويات لوضعها في حاوية القمامة أو تسليمها لعامل النظافة، لا أعرف هل هذا أيضاً منطقي؟.

عمال النظافة للتنظيف العام، ولكن مسئولية كل فرد أن يحرص على النظافة العامة مسئولية كل فرد أن يلتقط ما يسقط منه، مسئولية الفرد أن يحرص على نظافة مكانه مثل ما يحرص على نظافة ملابسة. ليس في المسجد فقط وإنما ايضاً في الشارع والمطعم والحديقة في كل مكان داخل منزله وخارج منزله.
هذه المواقف تجعلني أتسائل: هل تتساهل الحكومة السعودية مع شعبها والزوار، أم أنها تدللهم بتوفير الخدمات، أم أن هذا واجب على الدولة أو تراه كرم منها. وهل الناس لا يقدرون هذا الأمر ولا يتعاونوا مع الحكومة في تقديم الخدمة؟.

إن ما تقوم به وتقدمه الحكومة السعودية هو خدمة لمسجد رسول الله تماماً كما تقوم به في الحرم المكي خدمة لبيت الله وزواره، ولكن حتى مع توفر هذه الخدمات على المواطن أن يتحمل المسئولية أولاً من خلال الولاء لدولته ومن ثم احترام المرفقات والشعور اليقين بأن اي بقعة في بلدي تخصه وعليه أن يحافظ عليها. والاهم أن هذه مدينة رسول الله ويجب أن يحافظ هو على نظافتها ولا يُنتظر أن تنظف من قبل عمال النظافة.
ذات المنظر يتكرر في الحدائق العامة فنجد الحديقة العامة عند نهاية اليوم مليئة بعلب المياة الفارغة وقشور الفصفص والمناديل التي خلفها المتنزهون ورائهم في عودتهم إلى منازلهم. متناسين ما جاء عن النبي ﷺ: “أن من شعب الإيمان إماطة الأذى عن الطريق”.

وهنا نعود لذات الفكرة التي ذكرتها قي المقال السابق هل الناس لا يقدرون ما هو مجاني ويسيئون استخدامه. أم أن ثقافة النظافة والأهتمام بالممتلكات العامة لا زالت بحاجة إلى وقت وجهد، وإن كانت تحتاج إلى جهد كيف نحولها إلى سلوك طبيعي إيجابي يميزنا كمسلمين أولاً وبشر ثانياً، هدفنا إعمار الأرض لا إتلافها.؟ سأترك الإجابة لكم.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button