نستغرب تعطل المصالح والمشاريع في منطقة الباحة أو هكذا يبدو لي وخصوصًا الاستثمارية منها والتنموية.
ما أن يبدأ المستثمر بوضع “مسحاته” إلا ويتوقف المشروع، ويختفي وتختفي معه كل تلك الأسباب والمسببات، قد يكون هناك خبايا تُمارس كضغط على المستثمر أو المقاول فهذه ليس عندي شك في ممارستها لأننا نشم دائمًا رائحتها، ولكن لا نعلم أين مصادرها؟!
مما يجعلنا نتساءل لماذا هذه المنطقة بالذات تتعثر فيها المشاريع؟ هل هي طبوغرافية الأرض؟
إلا أنني أشك في ذلك فهناك جبالٌ صماء تحولت إلى أرضٍ مستوية، قد تكون بيروقراطية الجهات الحكومية فإلى حدٍ ما اللهم نعم، أم لبعض الأهالي دور في ذلك والعنصرية العمياء، والتي تُمارس هنا وهناك وخلف أورقة الوزارات فاللهم فاشهد، أم نندب الحظ العنيد الذي تربع على جبال الباحة وأقسم أن لا يُغادرها فقد سبقنا أجدادنا بتسمية تلك المنطقة وجبالها “بساق الغُراب”، وقد يكون له تأثيرًا إلى حدٍ ما.
الباحة مدينةٌ قديمة بكل مافيها وليست جديدة هي من عشرات عشرات السنين، لكن غلبت عليها شِقوتها وهي كما هي الباحة من فارقها في سن الطفولة وعاد إليها في سن الستين يجدها، كما هي لم تتغير معالمُها ولم تتطور مبانيها ولم تتغير شوارعها هي وقراها وشعابها وأوديتها كما هي عليه، حتى أخطائها وبيروقراطيتها هي هي كما كانت عليه تتوارثها الأجيال جيلٌ بعد جيل في فعالياتها ومدارسها وإداراتها وسياحتها وموظفيها، نفس الأشخاص ونفس الأخطاء إلا من خطفهم الموت فقد أمن مكانه من يواصل مسيرته.
هذه هي الحقيقة المؤلمة إلى حد البُكاء “متى يتغير الحال ياتُرى” حتى عندما نحاول أن نتغير نتمسك بتلابيب بعضنا البعض ونُكيل التُهم هنا وهناك؛ فتأخرنا عن الركب والتقدم والتطور واللحاق بمن سبقنا، ليس سرًا لو قلت إن هُناك من يحارب التقدم والتطور والتغيير.
(نقطة على الماشي)، الإعلام والإعلاميون محاربون بقصدٍ أو بغير قصد، الجميع إلا أقل القليل يقولون ( كله منكم يا إعلاميين ) لا تكتبون لا تتحدثون لا تنشرون، أعمالكم وكتاباتكم تطرد السواح وتطرد المستثمر، ياللعجب هؤلاء لا يملكون إلا أقلامهم لم يكونوا سببًا في وقوع أخطاء الآخرين.
هم يحاولون انتشال هذه المنطقة من براثين قوى التخلف والمصالح الشخصية لايهمهم في ذلك إلا المصلحة العامة،
هُنا أتكلم عن أصحاب الضمير والمهنية من زملاء الحرف، نعم كلنا ضد من يشخص ومن يستهزأ.
ويبقى السؤال الكبير لماذا لا نوجه تلك السهام إلى المحاربين الحقيقيين للتنمية، والذين يقفون كحجر عثرة لكل المشاريع التنموية، والقابعين خلف تلك المكاتب الفارهة والذين حتمًا لا يعرف بعضهم من إدارته غير المواقف والسُلم الذي يصعد به إلى مكتبه الفاخر، بل أجزم أن أغلب موظفيه لا يُشاهدونه إلا عبر الشاشة أو الصحف والمجلات، لماذا تلك المجاملات وعلى حساب من على حساب المنطقة بأسرها نحن نريد عملًا دؤوبًا صادقًا وإنتاجًا يلمسه ذلك المواطن الصغير المغلوب على أمره.
أرجوكم ابحثوا عن تلك الأسباب الحقيقية، فلعلكم تجدونها خلف تلك الأبواب المؤصدة أو في خفايا تلك الأدراج.
أنا هنا لا أعمم، ولكن الغالب من تلك الإدارات والمحافظات أنها بحاجة إلى إعادة هيكلة لجميع إداراتها بما فيها الإمارة نريد دماءً شابة تُحرك وتَتحرك، وهذا أملنا في أميرنا الفذ الحُسام
“باحتنا شابةٌ في طبيعتها عجوزًا خَرِفةٌ في مبانيها و شوارعها فقد غزاها الهرم في كل تفاصيلها”.
أحسنت . بارك الله فيك
كتابة رائعة وأسلوب راقي في النقد