سأتحدث في مقالي هذا عن موضوع قديم حديث متجدد. سيظل هاجسًا لأولي الألباب والأفهام. وأيضًا هاجسًا لأعداء النجاح والتقدم والرقي. حديثي موجه إلى كل إنسان بدأ من الصفر وأصبح يومًا من الأيام رقمًا صعبًا له قيمة ومعنى. وأتساءل هنا ؟؟! (بأي ذنب قتلت) إلى كل إنسان فكر فأبدع بفكره، وبنى وتميز بتشييده، وطور وجدد، وساهم فأحسن العطاء، وسارع فأحسن السباق حتى وصل وأنجز وزرع فأحسن الحصاد، وبذر فأحسن الرعاية والتربية. وأتساءل هنا؟؟! (بأي ذنب قتلت) إلى كل هؤلاء الإعلام إلى كل هؤلاء الذين حملوا على أعناقهم مشاعل التقدم والرقي، إلى كل إنسان أمضى في حياته مسيرة تضحية وعطاء مسيرة تنمية ونماء، مسيرة حب ووفاء لهذه البلاد ولقيادتها. مسيرة سطرت أجمل صور الشموخ والطموح إلى كل هؤلاء الذين سقوا تربة هذه البلاد الطاهرة من دمائهم وعرقهم، سقوها فكرًا وسهرًا وجهدًا. وحفروا بأيديهم، ونقشوا على صفحاتها ملاحم عجزت عن تسطيرها الأحرف والكلمات والعبارات. ولكن واجهوا عقبات وصعوبات في مسيرتهم التنموية من قبل ليس فقط من أعدائنا في الخارج، وهم أهون علينا لأننا نعلمهم تمامًا وأننا قادرون بإذن الله على التصدي لهم بكل حزم. ولكن أعداء من الداخل يعيشون معنا ويتربصون بنا، ويتحينون الفرص للوقوف ضد كل نجاح أو تقدم ورقي (هم العدو فاحذرهم ) يستغلون مناصبهم وقوتهم في تحريك الأمور لصالحهم ومصالحهم الفاسدة. امتلأت قلوبهم حقدًا وغلًا على أصحاب الهمم والقمم والنجاح؛ لأنهم فاشلون لا يعرفون للنجاح طريقًا إلا بالتسلق والتعلق على أكتاف الناجحين للوصول إلى طموحاتهم وأهدافهم المريضة. وهم أشبه بالمنافقين الذين يحسبون كل صيحة عليهم جبناء لا يقاتلون إلا من وراء جدار لا يظهرون أمام الناس إلا في الظلام ليمتصوا دماءهم ويشبعوا رغباتهم وشهواتهم من تعب وجهد الآخرين، والأمثلة على ذلك كثيرة جدًا في واقعنا، فقد عايشت قصة واقعية، وهذا مما دفعني لكتابة مقالي هذا لشخص من هؤلاء المميزين كيف استطاع أن يجعل لنفسه بصمة إيجابية في حياته، ثم واجه ما لم يكن في الحسبان من هؤلاء الأشخاص الذين وقفوا له بالمرصاد وأعاقوه وأعاقوا إنجازاته لمجرد أنه استطاع أن يبدع وينجز ويسابق فكاد أن ينتهي لولا إصراره على النجاح والحمدلله على كل حال. هؤلاء الذين يسارعون في الشر والنفاق ومحاربة أهل الإيمان والنجاح ويتصدون لهم بكل قوة، ولكن يعزينا في مثل هؤلاء قول الله تعالى :(وَلَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ۚ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ۗ يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ … ۗ يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) “آل عمران ١٧٦”.
ومع الأسف الشديد تجد أن كثيرًا من الناس رغم معرفتهم للحق يقفون خلف هؤلاء، إما خوفًا منهم ومن بطشهم أو الظهور مثلهم على أعناق أولئك المبدعين، وكما قال -عز وجل- عن هذه الفئة المريضة: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ) “المائدة ٥٢”.
وأقول هنا إلى كل أولئك الناجحين والمبدعين، إلى كل إنسان له كيان بدأ وجاهد ووصل لا تتوقف، بل سر وحقق الطموحات، وأبدع في الإنجازات، وواصل النجاحات لا تنظر إلى الخلف ولا تلتفت إلى المغرضين والمحبطين والمثبطين لا تسمع لنداءاتهم، ولا تتألم بالأشواك التي يضعونها في طريقك، ولا تعيقك العقبات التي يضخمونها أمامك، ولا تتبع أهواءهم ولا تجادلهم قال تعالى: (وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ) “المائدة ٤٨” سر وحتمًا ستصل. وأقول لهؤلاء الذين يضعون أقنعة زائفة على وجوههم؛ ليضلوا ويبرروا أقولهم وأفعالهم التي تهدم الأخلاق والقيم. ويوزعون الابتسامات التي تكشر عن أنيابهم التي يمتصون بها دماء ضحاياهم. أقول لهم اتقوا الله في أماناتكم، وستزول يومًا ما تلك الأقنعة الزائفة، وستتكسر تلك الأنياب، ويذهب بريقها ولمعانها، وتسقط وسيرى الناس وجوهكم الحقيقية التي طالما حاولتم إخفائها، وستعرفون مدى الجرم الذي فعلتوه. وسيعلم من كان يتبعكم أنهم مخطئون ولكن بعد فوات الأوان. أيها الغافلون إنكم تعيشون عصر الحزم والعزم (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ).