محمد ربيع الغامدي

آلة الإفك القطرية

#همسات_الخميس

 

وهي تماما مثل آلة الملح في الحكاية القديمة التي أفسدت عذوبة المحيط ، تزعم تلك الحكاية أن رجلا قد اخترع آلة سحرية تصنع الملح (وفي رواية أخرى: هاونا يعطيك ما تطلب) وكانت تلك الآلة تنتج الملح بكلمة سرية وتكف بكلمة سرية أخرى، ولقد ظل سعيدا بها حتى جاوره جار حسود غبي سرق الآلة وهرب بها في مركب بحري.
استقر الحاسد السارق الغبي على متن مركبته، تلا كلمة السر فتحركت وبدأت تضخ الملح، حاول إيقافها فلم يفلح، تذكر أن لها كلمة سر تقف بها فلم يتذكر الكلمة، امتلأ المركب ملحا حتى غاص وغرق واستقر في قاع المحيط والآلة على حالها تضخ الملح حتى بات المحيط ملحا وكان قبلها عذبا كما تزعم الحكاية.
آلة الإفك الملعونة هي تلك القنوات والصحف والمواقع والحسابات التي يشتريها جارنا القطري الحسود الغبي، اشتراها لتضخ الأكاذيب التي لا تستهدف أحدا غير بلادنا العظيمة الصامدة مثل جبل شامخ، تمر به شتى الأحوال المناخية وهو باق، تمر به الأجيال جيلا بعد جيل وهو باق، خالد علامة للشموخ ودليلا للعابرين وملاذا للخائفين.

الخاسر الكبير بسبب هذه الآلة الملعونة هو الصدق، الصدق الذي غادر حتى مظانه التاريخية العريقة، آلة الإفك شوهت كل مصادر الأخبار التي كانت محل ثقة العالم، وفي حادثة الإفك القطري المتعلقة باختفاء الخاشقجي خير مثال على عبث تلك الآلة بمصادر الأخبار بما تضخ من الأكاذيب، وبما تدفع من أموال لترويج تلك الأكاذيب، الأكاذيب التي مهما راجت تظل سحابة جوفاء ما تلبث أن تنقشع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى