يشتكي ترامب من أن جزءًا كبيرًا من الغضب في الولايات المتحدة ناتج عن التقارير الكاذبة لوسائل الإعلام ذات الأخبار الزائفة، وأن يسبق انعقاد منتدى الاستثمار في الرياض أزمة خاشقجي التي راهن أعداء السعودية بقيادة منصات إعلامية منتشرة في عدد من الدول العربية والإسلامية، بل أيضًا كان يراهن حتى بعض الأصدقاء من أن السعودية مقبلة على تراجع اقتصادي ودبلوماسي.
لكنهم لم يلاحظوا ويدركوا أن العالم يمر بمرحلة ما بعد العولمة لصالح الشعوبية الصاعدة بعد أن أخفقت النيوليبرالية الرأسمالية في عددٍ من القضايا، خصوصًا وأنها ترتبط بأزمة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، والتي نتجت بعد ثورات الربيع العربي بسبب أن الغرب توقع أن يصدر الإرهابيين إلى الشرق الأوسط لجعل بلدانهم خالية منهم ليلقوا حتفهم في منطقة الشرق الأوسط، لكن الغرب لم يتوقع أن دائرة الإرهاب ستتسع دائرتها وتنتقل إلى دولهم، بالإضافة أن اتسعت رقعة الهجرة إلى دولهم، خصوصًا وأنهم لم يخرجوا من ألأزمة المالية التي حدثت عام 2008، وهذا هو الخطأ الثاني الذي يقع فيه الغرب بعدما اعتقدوا أن الإخوان المسلمين هم من يتمكنوا من احتواء الإرهاب.
لم يعد أمام الغرب سوى السعودية القادرة على مواجهة الإرهاب، ولكن اشترطت السعودية وضع الإرهاب في دائرة واحدة وأن يشتمل محاربة الإرهاب وقف التمدد الإيراني، فوجدت جهات ثلاثة المتمثلة في الإرهابيين، والحرس الثوري الإيراني، وتيار الإخوان المسلمين، في تجييش كل إمكانياتهم الإعلامية وغير الإعلامية، لكن هذا التجييش لم ينطلِ على أمريكا ولا على تركيا كدول بخلاف الإعلام في كلا البلدين.
الاقتصاد السعودي تجاوز الرؤية الضيقة فهو اقتصاد خرج من المحلي أو الإقليمي إلى الاقتصاد الدولي، وتأتي منصة الرياض الاقتصادية بعد مرحلة التوجهات الحمائية التي قادتها الشعبوية الأمريكية، وفرض ضرائب على الصين والاتحاد الأوربي؛ حيث وجد العالم فرصتهم المواتية في منصة الرياض.
فمثلًا رئيس شركة توتال الفرنسية بونية قال:” لن أشارك في لعبة الكراسي الخالية”، فوجئ الجميع أنه بجوار وزير الطاقة والصناعة على المنصة يتحدث عن أهمية الاستثمار في السعودية، ويعدد قائمة بالاستثمارات في السعودية، كذلك اعترف رئيس صندوق الاستثمار الروسي عندما قال:إن الفرص الاستثمارية في السعودية عظيمة، والرئيس التنفيذي لفورملا أي في اسبانيا، قال:إن السعودية خطت خطوات طموحة بتبني دمج الصناعة مع الترفيه في رؤية 2030.
والشيخ محمد بن راشد قال: بأن السعودية محرك اقتصادي للمنطقة، لذلك نجد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قال: لن تكسروا هممنا، سنجعل من الشرق الأوسط أوربا الجديدة، وأكبر مثال على ذلك نيوم الذي تشارك فيه ثلاث دول السعودية ومصر والأردن، وسيتم ربط جانبي البحر الأحمر بجسر، وستقوم مصر بربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط بجسر.
وستقوم السعودية بعمل جسر موازٍ بين البحرين والسعودية، من أجل أن تتحول السعودية إلى منصة لوجستية، وستهتم بإقامة جسر بري يربط بين موانئ البحر الأحمر والخليج العربي عبر الخطوط الحديدية بقيمة استثمارات تتجاوز 10.6 مليار دولار، فيما بلغت قيمة اتفاقية المرحلة الثانية من مشروع قطار الحرمين 3.6 مليار دولار
مبادرة مستقبل الاستثمار التي يقودها صندوق الاستثمارات العامة في السعودية باعتبار المنتدى منصة عالمية لاستكشاف الفرص الاقتصادية الواعدة التي من شانها أن تشكل ملامح مستقبل الاقتصاد السعودي.
أستاذ بجامعة أم القرى بمكة