وصلني من أحد الزملاء أنه زار دولة عربية قريبة جغرافيًا من دولتنا في إجازة صيفية، وتفاجئ أثناء تسكعه في طرقات مدنها الداخلية مستنكرًا ماتوصل له الأمر من التردي الاقتصادي المعيشي لتلك الدولة، واستغلال السائح وتصيد الفرص حتى في -قضاء الحاجة- أكرم الله القارئ !!
فقد وجد دورات مياه دخولها برسوم رمزية، ووجود شخص ينتظرك عند المخرج يقدم لك المناديل ويشكرك.
فضحكنا ضحكًا شديدًا، وقلنا اللهم أدم علينا عز دولتنا مع فارق الوضع الاقتصادي وفرج على تلك الدولة.
ومرت الأيام و السنوات…
زرت قبل يومًا واحدًا من كتابة مقالي هذا شاطئ أبحر بجدة (الإسكندرية) مع ابني الصغير؛ حيث لي مدة طويلة لم أزره، ولاحظت التطور البسيط الملموس من حيث النظافة، والاهتمام، وترتيب الجلسات، ومناطق السباحة، ووجود مركز حرس الحدود، والأكشاك، وخلافه، وهذا شيء إيجابي يشاد به.
ولكن احتاج ابني لدخول الخلاء، وقد أشرت له على دورات المياه المتواجدة والمجهزة؛ ليستخدمها بكل فخر وطمأنينة وسلام.
ولكن سرعان مارجع إلي قائلًا وضاحكًا: “بابا دخول الحمام العام بـ3 ريال واستخدام المروش بـ5 ريال” !!
لم أصدقه للوهلة الأولى من هول ما سمعت، ولكني ذهبت معه لأستفهم الأمر فصدق فيما قال.
وعند تمحصي للموضوع وجدت أن -أمانة جدة – قد استخدمت المنطقة كاملة بشاطئها لمشغل من باب الاستثمار.
الاستثمار والصرف الذاتي لهيئة ما على نفسها مؤشر إيجابي، ومفهوم عصري تجاري بحت لا يختلف عليه اثنان.
هل يعقل شاطئ عام بزواره الذي يصل عدد مرتاعيه أسبوعين ما يقارب 2000 شخص تقريبًا كل نهاية إجازة أسبوعية كمتنفس لهم وأسرهم بلا دورات مياه عامة ؟!
هل المشغل لم يكتفِ بالمكان والزمان والأكشاك وأرض شاسعة يقام فيها الحفلات والمهرجانات، وضاق به الحال السيطرة حتى على دورات المياه العامة، ووضع رسوم مبالغ فيها ؟!
الأرجح أن شاطئ أبحر لا يختلف تنظيميًا عن كورنيش جدة الجديد والقديم ودورات مياهه الراقية المجانية !!
ما هكذا تؤكل الكتف يا – معالي أمين جدة- !!
ففي الأمس القريب سررنا بهدم أسوار كانت تحجب البحر عن مرتاديه، ونتشدق في مجالسنا بما فعلت من إنجاز جميل ومرموق.
المملكة العربية السعودية دولة أغناها الله من فضله ولم ولن تبخل علينا قط من خيرها من حيث المقارنة بوضعنا الاقتصادي بتلك الدولة العربية القريبة، ولا حاجة لنا في الاستثمار في ريع ورسوم عائد – استخدام دورات المياه العامة -.
استطردت في ذهني موقفًا مماثلًا حدث سابقًا في مدينة الطائف (منتزه الردف)، وتم التعاون المباشر من أمانة الطائف وأوقفوا رسوم دخول للمنتزه العام، وكان تجاوزًا من قبل المشغل.
هل سيتم تصحيح الخطأ في أقرب فرصة أم سنرى إضافة ضريبة للقيمة المضافة على رسوم دخول الحمامات العامة؟!