لعل أجمل ما سمعته لتجاوز النظرة الخاطئة تجاه الآخرين وتخطي الأحكام السابقة في تقييمهم، تلك الرسالة الصوتية الواعية من الأخت المعلمة حمدة الغامدي التي عملت في إحدى مدارس القطيف.
ورسالتها الرائعة في محتواها، العميقة في معناها، لها أبعادها الهامة فيما يخدم الوطن، ويحقق وحدته، ويفيد المجتمع، ويقوي لحمته.
فقد تحدثت بصدق وصراحة متناهية عن أهل القطيف الفضلاء…طيبتهم ورفيع أخلاقهم، تعاونهم وحسن تعاملهم، بحكم تجربتها الخاصة من خلال عملها عندهم، وتعايشها معهم، وحياتها بينهم. (وهذا ما نعرفه عنهم ونعهده فيهم)
ومع أنها تلقت التعليمات من غير المنصفين والتحذيرات من بعض الموهومين أو المعبئين ببعض الأفكار المغلوطة، فإنها لم تلق لها بالًا ولم تتأثر بترهات الآخرين ولم تستجب لمقولاتهم؛ حيث استشعرت طيبة أهلها من أول وهلة -كما هو حالهم – فوجدت مجتمعًا راقيًا بكل المعاني قابلها بالترحيب وحسن الاستقبال فلمست المودة الصادقة والمحبة الصافية، فتعاملت مع زميلاتها الفاضلات في المدرسة، وتعايشت مع المحيط الخارجي بكل أريحية لبّت الدعوات وحضرت المناسبات فقويت العلاقات وتشكلت الصداقات. وعادت من شرق البلاد إلى جنوبها تحمل رصيد الذكريات الطيبة والمواقف الجميلة؛ لتعلن أمام الجميع بأنها تعلمت في القطيف كثيرًا من الدروس، وتؤكد بأن المحبة والقبول رقي وحضارة ومناصبة العداء تخلف وجهالة – فكيف بأهلنا في القطيف وهم من نفس النسيج الاجتماعي -وأن الأحكام الخاطئة يجب ألا تدفعنا إلى الخلاف لأن التآلف هو سر الوحدة، والقوة، والصمود، والمنعة. وحمدة الغامدي بهذه الرسالة ترمي إلى كسر الحواجز، وإزالة الشوائب بين أفراد المجتمع الواحد، وألا نترك لأعداء الوطن مدخلًا للتفريق والتفكيك.
ويوافقها في الرأي الشيخ شنان الزهراني أحد كبار رجال الأعمال بالمنطقة الشرقية؛ حيث أعرب عن شكره، واعتزازه، وتقديره للمعلّمة الفاضلة على كلماتها الهادفة، وطرحها الواعي حول انطباعاتها، واستفادتها، وفهمها لمجتمع يشكل مكونًا أساسيًا من مكونات مجتمعنا السعودي، وإظهارها مايتميز به من عادات وتقاليد وطيب سجايا مؤكدًا في تعليقه بأن هذا التكامل تفرضه علينا وطنيتنا وحبنا لوطننا وأبنائه دون تفرقة بين مكوناته التي احتضنها الوطن الغالي الذي ننهل من خيراته التي تترى يومًا بعد الآخر في ظل نعمة الأمن والاستقرار التي ننعم بها ونعيش في ظلالها برعاية كريمة من حكومتنا الرشيدة،
مؤكدًا أن ماذكرته المعلمة الفاضلة، وطرحته بكل صدق ووضوح يشير إلى الواقع الممارس بين أبناء الوطن الواحد.
وأن من واجب المجتمعات المتحضرة التخلص من الزيف والمغالطات والانتقاصات لأي مكون من مكونات المجتمع. كما عمّق النظرة الإيجابية للمجتمع الشرقاوي، وأن ما ذكرته المعلمة الفاضلة يمثل صورة مطابقة لما حصل معه في بداية حياته العملية. وفي رسالته الراقية يقول: عملت معلمًا بمدينة سيهات الغالية قرابة خمس سنوات، كانت تلك الفترة من أجمل السنوات في تكوين حياتي العملية والاجتماعية، وهي فترة لايمكن نسيانها وقد تمتعنا بكل الرعاية والتقدير، والحب والاحترام، من مجتمع سيهات وكان من تشرفنا بتعليمهم آنذاك من خيرة الطلبة، وأصبحوا فيما بعد رموزًا وقادة في الدولة يتشرفون بخدمة الوطن الغالي في شتى المجالات. ويثني الزهراني على رسالة المعلمة، ويؤكد بأننا في حاجة دائمة لطرح الأفكار والدعائم والشواهد التي تزيد التقارب بين مكونات المجتمع السعودي في ظل حكومتنا الرشيدة أعزها الله.