حرّك معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة بركة ظلت ساكنة لزمن طويل، تتمثل في إمكانية اعتماد السياحة العلاجية كأحد مصادر الدخل بعد التخلص من الاعتماد على النفط كمصدر دخل وحيد، فالمملكة غنية بأسس تحقيق مفاصل رؤية 2030 في توطين العلاج، وفتح المجال للتحول نحو السياحة العلاجية لزوار البلاد.
جاءت تصريحات معاليه لقناة “روتانا خليجية” مباشرة ومبشرة في ذات الوقت، حيث أكد: “أقول وبثقة…نحن من أفضل 20 دولة في المستشفيات التخصصية، وحجم زراعات القلب عندنا أكبر من جميع الدول العربية، ولدينا أطباء ممتازون يستطيعون العمل في الدول المتقدمة”.
حديث مشجع ومحفز من معاليه، وقد ألقى بالكرة في ملعب القطاع الخاص للتشجيع على السياحة العلاجية في المملكة، خاصة وأن بلادنا تقدمت كثيرًا في مجال الفندقة والإيواء السياحي والخدمات المتنوعة، فضلًا عن وجود خيرة الأطباء في مختلف التخصصات، إلى جانب التقنيات المتقدمة، وفوق ذلك المؤسسات الصحية العامة والخاصة المهيأة وفقًا للمواصفات العالمية، والتنوع الجغرافي والمناخي بين المناطق، مما يجعلها مهيأة للمستثمرين في دخول هذا المجال البكر.
هذه المعطيات لم تخف عن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، التي تولي عناية خاصة بتنمية سياحة الصحة والاستشفاء، لتوفير البيئة المناسبة لهذا النشاط الاقتصادي الهام، وتطوير منتجاته وخدماته وبرامجه، التي تحتاج توفير الدعم الحكومي وخلق بيئة مناسبة لجذب المستثمرين، ثم جذب المستفيدين من هذه الخدمات.
على الجانب الآخر، يعتبر المواطن السعودي مستهدفًا من معظم أسواق السياحة العلاجية حول العالم، وبنظرة سريعة يتضح حكم الأموال التي تصرف سنويًا على فاتورة العلاج في الخارج، فإذا توفرت له سبل العلاج في الداخل سيفضله بالضرورة عن السفر لطلب العلاج في المشافي الخارجية.
ولا شك أن هناك جملة من الفوائد التي ستصب في صالح الوطن والمواطن، منها تقليص قائمة البطالة بتشغيل أعداد لا متناهية من المواطنين والمواطنات، وتشغيل أكبر عدد ممكن من أسرة المستشفيات، وبالتالي تشغيل الخدمات وبقية المنافع ذات العوائد المالية الفورية، والاستفادة من التشريعات الخاصة بالسماح للحجاج والمعتمرين القادمين من الخارج بزيارة مدن أخرى غير مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وحتى نقف على أهمية هذا القطاع، نذكر أن الدراسات الإحصائية توضح أن هذا النشاط يصل حجمه إلى 100 مليار دولار على مستوى العالم، وحجم الإنفاق يصل إلى 50 مليار دولار سنويًا، فيما يصل إنفاق العرب فيه إلى نحو 27 مليار دولار، وينفق الخليجيون 5.3 مليار دولار سنويًا في السياحة العلاجية.
العديد من دول المنطقة يعتمد دخلها العام على السياحة ومنها السياحة العلاجية، والمملكة الآن أمام تحدٍ لدخول هذا المضمار والفوز بشريحة مقدرة منه، وهو ما يتطلب زيادة أعداد الممارسين الطبيين، وتهيئة المناخ الاستثماري لجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، ومساندة المؤسسات العلاجية القائمة، وتطويرها للتوافق مع خلق سوق منافسة تستحوذ على حصة مقدرة من كعكة السياحة العلاجية.