على هامش معرض من معارض الكتاب دارت “سوالف” بين كُتّابٍ أدباء وبين محرر ثقافي في صحيفة عتيدة، كانوا فيها عاتبين على صحيفته التي تتجاهل رسائلهم كما زعموا، وكان فيها مدافعا عن صحيفته بأمانة وإخلاص، وكنت حينها على مقربة منهم أتابع دون كلام.
قال لهم في بادرة ودية أخوية لطيفة: تلطفوا بإرسال رسائلكم عليّ مباشرة وستجد نصوصكم طريقها للنشر، هنا تحركت عندي أشجانٌ فقلت متسائلا: ولماذا أنت؟ التفت نحوي كمن صادف عفريتا من عُمّار خرابة موحشة فأضاف وقد عرفني: أو سلموها لمندوبنا الذي في جهتكم. قلت له بسرعة: ولماذا مندوبكم الذي في جهتنا؟
في هذا اللحظة داهمتنا موجة أخرى من الأصدقاء فضاعت السالفة قبل أن أتمنى على ذلك المحرر الصديق أن يستحدث بريدا خاصا لرسائل الكُتّاب (التي تحمل نصوصا معدة للنشر بطبيعة الحال) ثم لينظر فيها (هو أو من يقوم مقامه) ليوالي نشرها تباعا، قياما بواجب النشر، واحتفاء بمكانة الكاتب، وعناية بمحتوى المكتوب، وإحسانا للملحق الثقافي.
المحرر له مشاغله الكثيرة ويحمل له بريده الكثير والمتعدد والمتباين، ولأهمية نشر النصوص باعتبارها علّة الملحق في الأصل وجب أن يخصص لها بريدا لا تختلط فيه بغيرها. والمندوب أيضا له مشاغله الصحفية الكثيرة وهو في غنى عن إشغاله بما يمكن صرفه لغيره.
كثير من أولئك الكتاب المتحلقين حول تلك السالفة ينشرون نصوصهم في صحف عربية شقيقة، لا يعرفون فيها أحدا ولا يعرفهم فيها أحد، لكن نصوصهم تُعرِّفُ نفسها بنفسها فتأخذ طريقها للنشر من غير وسيط ولا رُبّاطية.
نحن في عصر السرعة الجنونية لتوصيل المعلومات بكل الوسائل المعرفية يا سيدي ، و المحررون في صحفنا للأسف مازالوا يسيرون كالسلاحف التي خولوها ملاك الصحف للرقابة علي حرية الرأي في اوائل القرن الماضي ، صدقني لدينا ادباء و اديبات و كتاب و كاتبات في غاية الروعة و الجمال و لكنهم اما تواروا عن الأنظار بطوعهم و اختيارهم او اما انهم تحولوا مجبرين للكتابة في صحف خارجية معادية و لسان حالهم يقول :
” لا عذاب اكبر من النشر في صحيفة محرر لئيم ” .
تحياتي