المؤرخون، حكماء فهم يمتلكون عينًا مدربة ترى خيوط الماضي، وهي تلمع تحت سطح الحاضر، مكونين رؤيا بعيدة المدى بالنسبة للماضي، وبالنسبة للمستقبل.
المؤرخ، من يستنطق النصوص، ويفككها، وينقدها، ويسائلها، عن كوامنها ودلالاتها ويقوم على التحقيق والمقابلة، وربط السبب بالنتيجة واستعادة شواهد الماضي، وإعادة الروح فيها والنفاذ إلى أعماقها.
الأراخ، من يحافظ ولا يلاحظ ولايعي، ناظر دون نظر، مخبرًا بدون خبرة. غير محقق ولامؤرخ.
التاريخ، النقد التاريخي، هو انتقال من (حقيقة النص، إلى نص الحقيقة).
التاريخ، يتصدر قمة الأوليات، للأمم والشعوب، حين تقرر النهوض وتهم به، عاقدة العزم على الحركة نحو الاستقرار والتطلع إلى نور المستقبل.
التاريخ، المختبر الحقيقي لصواب الفعل البشري، والمصدر الأساسي، للفقه الحضاري.
التاريخ، يتتبع سير العقل البشري في شتى مظاهر النشاط اللا إنساني. وهو المفتاح إلى فهم الإنسان وصفاته وأفعاله.
التاريخ، يوسع أفق المجتمع، ويرفع مستوى الأخلاق، ويعزز مقومات الوحدة الوطنية.
التاريخ، يكون باعثًا للإحياء القومي، ومحركًا لطاقات الشعوب ففيه يتمثل الكبرياء الوطني.
التاريخ، مهمته تحرير الفكر، من التخلف، والأساطير، والخرافات من أجل نشر الحرية والتنوير والعقل.
التاريخ، دراسة الماضي في الحاضر بعين واحدة هي مصدر كل المغالطات في التاريخ.
التاريخ، لا حقيقة بدون وثيقةّ، ولا تقديس أعمى للوثائق والأحداث، فلابد أن تخضع لصنع (المؤرخ النقدي).
التاريخ، يعالج العلاقات السببية بين السابق واللاحق، في الأحداث والقضايا، ويساعد على تقييم الأمور وتقديرها،
وحل كثير من المشكلات المعاصرة.
التاريخ، يرينا كيف تتحرك حضارات العالم ونشاهدها، كما يشاهد المتفرج روايات متعاقبة على مسرح كبير،
كلٌ يؤدي دوره ثم يختفي.
التاريخ، يعد أحد الدعائم المهمة في المحافظة على الهوية والتراث الحضاري شأنه في ذلك شأن الدين واللغة،
وشواهد التاريخ تدل على مواقف حاسمة في الدفاع عن الهوية الثقافية ضد موجات الغزو الفكري والثقافي.
التاريخ له دور في سبيل تنمية فكرة التغير والتطور في مواجهة التحديات فلا نستطيع التنبؤ بمستقبل الأحدث،
إلا إذا فهمنا الماضي الجماعي للإنسان.
التاريخ، يستهدف منجم وتجارب الماضي، وموازنته بأحداث الحاضر، ليعلمنا أن كل تحرك لبناء قوة عربية
أو إسلامية تعتبره أمريكا وأوروبا ضد توجهاتها وسيطرتها.
التاريخ، يعلمنا أن العدل والقوة للدولة، كالغذاء للإنسان.
فاصلة:
يجب أن نسخر ماضينا وتاريخنا بالصورة المثلى لخدمة حاضرنا ، والتحضير لمستقبلنا، وهذا أمر معقول ومشروع، فهو معقول لأننا نملك تاريخًا وتراثًا، قل أن يضاهيهما في ثرائهما وتنوعهما ماضي وتراث أية أمة أخرى.
وهو مشروع لأننا نريد أن يكون حاضرنا ومستقبلنا وليد أيديولوجيات نابعة منا ومعبرة عنا.