يعرف الكثير منا مدى أهمية القراءة، فنحن نعرف أن أول آية نزلت في القرآن الكريم هي آية (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)، ولذلك فإن رغبة القراءة مستقرة فينا، ولكن هنالك من يشتكي من صداع القراءة، فكلما قرأ صفحات قليلة شعر بأعراضه، والتي تمنعه من إكمال القراءة، وربما توقف عند صفحة أو نصفها بسبب هذه الأعراض.
وعلى الإنسان أن يعرف أن هذا القراءة بعيدة كل البعد من هذا الصداع، والذي قد تكون أسبابه صحية عضوية، أو نفسية معنوية يكون فيها الإنسان كارهًا للقراءة، وبالتالي فإن جسده يُحدث المقاومة عند قراءة أول سطر من سطور الكتاب فيأتي الصداع مباشرة.
وقد تكون له أسباب أخرى، وهي بعثرة الإنسان وشغل ذهنه بأفكار أخرى بمعنى أنه ليس مستعدًا في ذلك الوقت للقراءة، وبالتالي حينما يشرع فيها يجد بأنه قد أصيب بالصداع؛ مما يجعله يتوقف عن القراءة.
ومن خلال تجربتي في القراءة، ورحلتي التي تقارب العشر سنوات مع القلم أعتقد بأن هذه الأفكار التالية قد تساهم بشكل كبير في حب القراءة، وإزالة الصداع.
فعلى الانسان أن يعي أولًا أهمية القراءة، فكما يُغذي الإنسان جسده بالطعام والشراب، فعليه أن يغذي عقله بالقراءة التي تجعل الإنسان يتعلم، والعلم مدحه الله ورفع درجة صاحبه حينما قال سبحانه: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).
وعلى الإنسان أن يختار جوًا مناسبًا للقراءة، فلا يستقيم أن يكون الإنسان محاصرًا بالمشاغل والأعمال ويفكر حينها بالقراءة، إذ لابد له من تحضير بيئة جميلة وهادئة يخلو بنفسه فيها؛ لكي يقرأ ما طاب له من الكتب بشتى مجالاتها وأنواعها.
والإنسان حُرّ في الأداة التي يقرأ من خلالها، فإذا كان يُحب أن يقرأ في الكتاب فعليه أن يفعل، وإذا كان يميل للقراءة عبر الأجهزة الإلكترونية فله ذلك أيضًا، وإذا كان يُفضل أن يسمع الكتاب، فهنالك الكثير من الكتب المسجلة في الإنترنت فيجلس، ويستمع إليها بالطريقة التي يرتاح لها.
ومن الأشياء المُلحقة بالجو المناسب للقراءة هي المشروبات، فإذا كانت القهوة تفتح شهيته للقراءة وتجعله يُركّز أكثر فعليه بها، وإذا كان العصير اللذيذ البارد هو الذي يفتح شهيته للقراءة، فعليه أن يشربه لكي يستمتع أكثر بالقراءة، وهذه تفاصيل دقيقة كل إنسان أدرى بنفسه فيها.
وعلى القارئ ألا يبدأ بالكتب ذات المجلدات الضخمة، أو تلك التي تحتوي مواضيع فلسفية أو فكرية معقدة، فالمبتدئ خصوصًا عليه يبدأ بالكتب الصغيرة التي تحوي مواضيع بسيطة، ويقرأ أيضًا في كتب الروايات المشوقة، ويواصل القراءة في الكتب الملونة والمليئة بالصور والإنفوجرافيك، وغيرها من الكتب التي تُحفزّ القارئ لمواصلة القراءة بكل نهم وشغف.
وعليه أن يقرأ في كتب يفهم في مواضيعها، فلا يستقيم أن يشرع مبتدئ في قراءة كتاب لا يفهم فيه شيئًا، ولو فعل ذلك فإنه سيعاني ذهنيًا في فهم مضامين الكتاب مما يصيبه بالصداع.
ومن الأشياء التي تسهل عملية القراءة هي معرفة الفكرة الجوهرية للكتاب، والاهتداء إلى الأفكار الرئيسية التي تتبع الفكرة الجوهرية حتى الوصول إلى الأفكار الفرعية، ثم الانتهاء بالأفكار فرعية الفرعية لكي تتضح الرؤية، ويزول الإجهاد الذهني التابع للشتات الذي يحصل أثناء القراءة.
والشيء المهم الذي علينا فهمه هو أن القراءة لها عضلة تضمُر بقلة القراءة، والبدايات دائمًا صعبة، فقد يواجه الإنسان صعوبة في بداية القراءة، ولكن مع الوقت ساعة تلو أخرى ويومًا تلو آخر تقوى لديه عضلة القراءة، وتتحول القراءة من حالة صعبة إلى عادة سهلة جميلة يتنفس من خلالها الإنسان طعم الحياة.
حكمة المقال:
يُقال في آخر فيلم (كتاب الرمال) : (أنا دخلت الكون الذي تسمونه المكتبة)