في عام ١٤٠٨هـ وضمن الأنشطة اللا صفيّة التي ترعاها مدارس التعليم العام، وفي رحلة إلى جبل النور (غار حراء) التي نظمتها إحدى المدارس، وبعد الاستمتاع بالعمق والعبق التاريخي لهذه الرحلة، وبعد وصول الطلاب والمشرفين إلى الحافلة التي أقلتهم لوحظ غياب أحد الطلاب، وقد بدأ الظلام يخيّم بعد المغرب وينادون المشرفون عبر الميكروفون عن الطالب المتغيب وبعد البحث طالبوا الدفاع المدني بالتدخل وبعد بحث استمر عدة ساعات عثروا على الطالب ميتًا بين الصخور، وربما ضلّ الطريق أو انزلقت قدميه وسقط.
لقد تحولت تلك الرحلة إلى مأتم وما حدث لهو أمر مؤلم للغاية، إلا أن وزير المعارف آنذاك أصدر قرارًا تم تعميمه على كل مدارس المملكة بإيقاف رحلات الأنشطة اللا صفية ومنذ ذلك اليوم لم يصدر قرارًا بإلغائه، وكل ما فعلته بعض المدارس وهي تدرك الأهمية البالغة لهذه الرحلات بأن تطلب من أولياء المور بتعبئة نموذج لديهم يتعهد فيه بعدم تحميل المدرسة مسؤولية ما يحدث وأنه موافق على ذهاب ابنه الرحلة، مما حدا بالعديد من أولياء الأمور برفض ذهاب أبنائهم للرحلات ضمن الأنشطة اللا صفية (رغم أهميتها وتأثيرها البالغ) وقبل أسبوعين، وفي إحدى الصحف نشرت خبرًا مفاده أن توجيهًا قد صدر بإغلاق المسابح في المدارس والروضات حكومية كانت أو أهلية؛ لأنها تفتقد إلى معايير الجودة والسلامة، كما لوحظ تراخي لبعض المسؤولين في تحمل واجباتهم.
نقف قليلًا ونبارك ما صدر من توجيه بسبب معايير الجودة وتراخي المسؤولين، ونتساءل هل في وسع الجهة التي أوقفت استخدام المسابح في المدارس بوضع الضوابط والمعايير وكل النظم التي تكفل سلامة المستخدمين لها كما هو معلوم ومتاح كل أرجاء الدنيا، كذلك الحال في إيقاف الرحلات المدرسية أو تعليم السباحة وركوب الخيل والعديد من الأنشطة اللاصفية لا تقل أهمية من المقررات المدرسية إن لم يدركها في بعض الحالات، وأن على المسؤولين المختصين في هذا الشأن ألا يتعلموا من ما يحدث من ظلم وتعسف عند طلب تصاريح البناء والمنشآت بأنواعها من الدفاع المدني في مكة المكرمة والمشاعر وفي المدينة المنورة وغيرها من المدن، كل همهم وبكل أسف كيف يخلون مسؤوليتهم.
إنهم في أمس الحاجة إلى مراجعة هذا الأمر وتصحيح الأوضاع، وأن يكونوا خير معين لتعجيل حركة التنمية في البلاد وألا يعتبرون سببًا في إعاقتها كما تفعل بعض الأمانات والبلديات، ومن سمات المسؤول القائد تذليل الصعاب والتيسير للمبادرات حتى لا يُساء الظن فيما يحدث من إعاقات ومواربة باب الفساد الذي لن يرضاه أحد كما علينا أن نتعلم من أخطاء الماضي، وخيركم من حرص على نفع الناس، والويل من الله لمن خالف ذلك.