بعد ما حققته جولة ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان العربية، والتي تخللتها زيارة الأرجنتين للمشاركة في قمة العشرين من نجاح مؤكد، فإن كل من راهن على فشل تلك الجولة يشعر الآن بالخسران وخيبة الأمل، فقد راهنوا على أن يحجم قادة مجموعة العشرين عن مصافحته أو لقائه، أو حتى التحدث إليه، فإذا الصور التي بثتها القنوات الفضائية التي نقلت تهافت قادة تلك الدول على مصافحة سموه – وبحرارة- والتحدث إليه، وتنقل أيضًا لقاءاته مع أبرز قادة تلك الدول، تصدم أولئك الحاقدين المنساقين لأكاذيب وافتراءات الإعلام المضلل الذي تمثله عربيًا قناة الجزيرة وغربيًا صحيفة الواشنطن بوست.
وليس من قبيل المبالغة القول إن سموه كان نجم القمة، ومحور اهتمام قادتها، فهو يمثل دولة تحتل مكانة بارزة على الخريطة الدولية، بموقعها الديني باعتبارها أرض الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين في شتى بقاع الأرض، ومهبط الوحي، ومثوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وهي، من هذا المنطلق، تحمل رسالة الإسلام السامية التي تحض على التسامح والوسطية والاعتدال.
وهي، شاء من شاء وأبى من أبى، دولة لها مكانتها الاقتصادية وموقعها وثقلها السياسي والاستراتيجي، فهي دولة عضو مؤسس وفاعل في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، والعديد من المنظمات والهيئات الدولية، ودولة رائدة في مجال التعاون الدولي، واحتلالها مكانة بارزة بين دول العالم في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وبما اقترن بها من مبادرات عدة على المستوى الإنساني ودعم قضية السلام في المنطقة وفي العالم ، والانتصار لقضايا الحق والعدل وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وبما جعلها رقمًا صعبًا في الخريطة الدولية، وفي معادلة الشرق الأوسط، وأيضًا في صنع القرار على المستويين الإقليمي والدولي.
على الصعيد الشخصي، ليس بوسع أحد تجاهل حضور ومشاركة شخصية بارزة ومؤثرة في مثل مواصفات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فقد كان أحد المشاركين في القمة، قمة مجموعة العشرين، لكنه الأعلى هامة، والأكثر ثقة وتألقًا بشخصيته الكاريزمية، ورؤيته الطموحة لمستقبل بلاده عبر رؤية السعودية 2030، التي نجح في تسويقها عالميًا عبر الشراكة مع العديد من الدول المتقدمة. وهو بهذه الصفات، وبهذا الدور، يكون مؤهلًا لحمل الرسالة السعودية في مرحلة الانطلاقة الكبرى، التي يقف الشعب السعودي بأسره خلفها.
الآن نطرح السؤال مجددًا: لماذا تعتبر جولة سموه ناجحة؟
في الرد على هذا السؤال أقول:
أولاً- لأنها جاءت إثر جولة سموه الداخلية بمعية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز التي تعتبر بمثابة تجديد لمبايعة الشعب السعودي لقيادته، وإثبات آخر على متانة نسيج الوحدة الوطنية.
ثانيًا – لأنها لم تتم بهدف تحسين صورة المملكة، التي حاولت بعض الأطراف الحاقدة تشويها، عندما ادعت أبواقها بأن تأتي ضمن هذا السياق- وإنما تلبية لدعوات رسمية من تلك الدول. كما أن حضور ومشاركة سموه في القمة في خضم تلك الحملة المسمومة عكس بعدًا مهمًا في شخصيته القيادية ينم عن سمة الشجاعة والتحدي والثقة بالنفس التي يتمتع بها سموه.
ثالثًا – أثبتت الجولة فشل الدعايات المغرضة وأساليب الإعلام المسموم التي تبثها بعض الجهات الحاقدة على المملكة، وأكدت على أن هذه الأساليب التي تنطلق بدوافع الابتزاز والمحاولات البائسة واليائسة للنيل من مكانة المملكة ودورها المتنامي إقليميًا ودوليًا وتشويه سمعتها لا تجدي فتيلًا أمام حقيقة تؤكد يومًا بعد يوم على سلامة المواقف السعودية، وثبات ورسوخ دعائم الأمن والاستقرار في أركانها وصلابة اللحمة التي تربط الشعب بقيادته.
رابعًا – لأنها، بما ترتب عليها من توقيع اتفاقيات شراكة وتعاون- أكدت على مواصلة المملكة لنهجها ودورها في تعزيز علاقاتها الاستراتيجية مع الدول العربية الشقيقة ودفع مشاريع التنمية فيها.
وأخيرًا لأن محصلة الجولة جاءت إيجابية بكل المقاييس، وتشكل في محطاتها السبع الرد البليغ على حملة التشويش والتشويه التي يقف خلفها الحاقدين على المملكة ممن يتربصون بها الشر ولا يرومون لها خيرًا ولا سدادًا.