د. عبدالحفيظ محبوب

السعودية عضو دائم في مجموعة العشرين

الطوفان الإعلامي الإخواني الذي يلتقي مع الطوفان الإعلامي الفارسي الممول من قطر التي تمتلك ثالث احتياطي للغاز في العالم، وهي أكبر مصدر للغاز في العالم ارتفعت صادراتها من 77 مليون طن سنويًا إلى نحو 100 مليون طن سنويًا، فيما تبلغ مساحتها 11 ألفًا و600 كلم متر مربع إذا ما قورنت بمساحة منطقة الرياض نحو 380 ألف كلم متر مربع، فهي دولة نفقاتها منخفضة وفوائضها عالية، لكنها وجهتها نحو بناء إمبراطورية إعلامية تخدم أجندة المحور الإخواني العابر للحدود من اجل تحقيق حلم الخلافة الإسلامية الضائع بقيادة تركيا بعدما انهار حكم الإخوان في أكبر دولة عربية مصر.
حاول الطوفان الإعلامي الإخواني تفكيك التحالف السعودي الإماراتي المتعهد بتفكيك هذا المحور، وتصوير بشكل خاص أن محمد بن زايد يتحكم في السعودية، وبشكل محدد في شخصية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وحينما حدث مقتل جمال خاشقجي في السفارة السعودية في اسطنبول على يد فئة من الاستخبارات السعودية تبرأت منه الحكومة السعودية، وتكفلت بمحاكمتهم، لكن استثمر محور الإخوان مقتل خاشقجي ووجدتها فرصة في إعادة إحياء المحور الإخواني الذي بدأ يتآكل، خصوصا وأن تركيا التي أرسلت جيشها إلى قطر شعرت بنشوة النصر، ولم تدرك حقيقة الدور السعودي الذي أدار رعاية صلح بين دول القرن الإفريقي والبحر الأحمر وجدت تركيا نفسها هي إيران خارج تلك المنطقة.

خصوصا وأن تركيا بعد رفع الاحتياطي الفيدرالي الفائدة فيما كان يعتمد الاقتصاد التركي على القروض الرخيصة، إلى جانب ارتفاع التضخم في تركيا إلى 18 في المائة، مما أدى إلى انخفاض الليرة التركية، بعدما كانت الليرة التركية في عام 2005 تساوي دولارًا واحدًا، أصبحت في 2018 تساوي أكثر من 5 ليرات لكل دولار، أي انخفضت منذ بداية عام 2018 أكثر من 40 في المائة، وألصقت تهمة انهيار الليرة إلى دول الخليج، ولجأت تركيا إلى قطر لدعم اقتصادها المنهار، وهو دين واجب عليها أداؤه مقابل تواجد الجيش التركي في قطر الذي حمى تميم من أي انقلاب داخلي قد يحدث.

لم تتوقع تركيا أن حضور الأمير محمد بن سلمان سيكون لافتًا وبارزًا، بل أصبح حضوره الأقوى في قمة العشرين في الأرجنتين، واستقبل استقبالًا حارًا من قبل رئيس الأرجنتين ماوريسيو ماكري، وكيف رد على الصحفيين عند رعايته لمؤتمر مشترك مع الرئيس الفرنسي عندما قال للصحفيين بأن السعودية عضو دائم في مجموعة العشرين، وقال إن المشكلة التي أثرت على العالم مطروحة على الطاولة، وربما تثار خلال اجتماعات ثنائية وربما لا.

ليس هذا فحسب، بل نجد أن الفاينشال تايمز علقت على أن الحفاوة التي وجدها الأمير محمد بن سلمان من بوتين تعتبر أمرًا متوقعًا، لكن الأكثر إثارة للدهشة كان التعامل الأوروبي الودود معه أكثر وضوحًا لم يكن متوقعًا، وكذلك لم تتوقع المصادر أن يلتقي ترامب بولي العهد محمد بن سلمان..
بل كان أهم لقاءين في القمة الذي سلط الإعلام جل أجهزته نحوهما هما لقاء ترامب مع الرئيس الصيني الذي يدور حول الحرب التجارية بين أكبر قوتين في العالم، واللقاء الثاني بين الأمير محمد بن سلمان وبوتين اللذين ناقشا أسباب انخفاض أسعار البترول، والخطوات التي يمكن أن يتبعها البلدان في المستقبل لرعاية استقرار أسواق النفط.

كان الضخ الإعلامي الذي استثمره الطوفان الإخواني بدعم جهات لم تتوقع وصول الأمير محمد بن سلمان لولاية العهد بعد قمة العشرين ذهب أدراج الرياح، وأصبح هباء منثورًا كأن لم يكن، رغم الأموال التي تم ضخها والجهود المضنية التي بذلت خلال فترة الأزمة، رغم أنها نجحت في افتعال أزمة عالمية تمكنت إلى حد ما في توجيه الأنظار نحو الأزمة.

لكن مكانة السعودية التي امتلكت قدرة وقوة ومكانة على إذابة هذه الأزمة التي تواجهها والسيطرة عليها، وسيغدر بهم أردوغان الذي صرح هو والعديد من المسؤولين الأتراك من أن أزمة خاشقجي لن تؤثر على العلاقات بين البلدين بل قال أردوغان ليس هدفنا الإضرار بالأسرة الحاكمة في السعودية، وصرح عدد من المسؤولين الأتراك من أن هذه الأزمة لن تكون عائقا أمام لقاء المسؤولين بين البلدين، خصوصًا وأن السعودية دولة لها ثقل اقتصادي وسياسي وديني إقليمي وعالمي لا يمكن أن تؤثر مثل تلك الأزمة على تلك العلاقات.

اكتفت تركيا باحتواء دولة قطر عندما زارها تميم من أجل أن تبتز تركيا قطر لدفع مزيد من الأموال لدعم الاقتصاد التركي، لكن في المحصلة لن تتخلى تركيا كما يظن المحور الإخواني عن قطع العلاقة مع اكبر اقتصادين في دول الخليج وهما السعودية ودولة الإمارات اللذان يمثلان نحو 75 في المائة من الاقتصاد الخليجي، ونحو نصف الاقتصاد العربي، بالإضافة إلى أن البلدين يقودان نهضة اقتصادية، بل تقود السعودية ثورة اقتصادية واجتماعية وسياسية.

يدرك أردوغان أهمية السعودية ومكانتها العالمية، ولن يستطيع مقاطعة السعودية لإرضاء الإخوان المحور الآخذ في الاضمحلال والتفكك والانهيار خصوصًا بعد إصرار السعودية ومصر على مواجهة هذا المحور بعد زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لدولة مصر في طريقه لحضور قمة العشرين، حيث أكد البلدان على استمرارهما في تنفيذ قطر مطالبهما

أستاذ بجامعة أم القرى بمكة

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button