المقالات

إيران سرطان في الجسد العربي

المتتبع للعلاقات بين إيران والدول العربية يصل إلى نتيجة حتمية، وهي استحالة التقارب بين إيران والعرب، واستحالة وجود حالة من التطبيع كما هو الحال بالنسبة لدولة الكيان الصهيوني، فكلاهما مغتصب لأرض عربية، وكلاهما جرثومة زُرعت في الجسد العربي من أجل مصالح غربية لإنهاك الدول العربية حتى لا يتم تحقيق مجد عربي إسلامي كسابق العهود؛ ولذلك كان وعد بلفور المشئوم عام ١٩١٧عن طريق بريطانيا، والذي أسس لوطن صهيوني على أرض فلسطين العربية وبعدها مباشرة في العام ١٩٢٥ إذن بريطاني لإيران باجتياح الأحواز العربية، وتسريح جيشها، وأسر أميرها خزعل الكعبي بل واغتياله، وتمادى الاحتلال الصفوى في عمليات نهب منظم لثروة الأحواز العربية، بل وتغيير جغرافية القطر العربي، وتغيير أسماء المدن من العربية إلى الفارسية إمعانًا في التغيير، ووصل الأمر إلى عدم تدريس اللغة العربية، بل وعدم التسمية بأسماء عربية والقيام بعمليات تغيير ديمغرافي في الأرض العربية، وزاد الأمر سوءًا بعدما استأنس الغرب الخميني، والذي عن طريقه أخمنوا ثورة الشعب على نظام الشاه بعد انتهاء  دوره المخطط له من قبل الغرب؛ ليحل محله نظام الملالي الذي جاء ليُكمل المخطط بالتوازي مع الكيان الصهيوني الذي تم تأسيسه واستقراره بعد تحييد دور مصر في كامب ديفيد، فكانت الطائرة الفرنسية التي حطت في مطار طهران في الأول من فبراير ١٩٧٩، والتي جلبت الخميني المستأنس للغرب وبالاً على المنطقة العربية وإمعانًا في التأكيد تم إطلاق اسم الجمهورية الإسلامية بعد أن استغنى الخميني عما كان يتداوله من الحكومة الإسلامية بعد اتفاقه مع القوى العلمانية والليبرالية التي كانت بالفعل تقود ثورة الشعب والذين تخلص منهم الخميني فيما بعد، وكانت  هذه هي بداية الخديعة الكبرى التى تعرض لها المسلمون في كل أنحاء العالم، والخديعة الأخرى وهي تسليم السفارة الصهيونية إلى الفلسطينيين مما ثَبَتَ عند المسلمون والعرب أن نظام الملالي جاء ليحرر القدس.

 وتناسينا أن الأحواز العربية المحتلة هي كفلسطين العربية المحتلة، وتناسينا أن النظام الصهيوني المحمي من قبل الغرب كمثيله الصفوي المحمي من قبل الغرب ولَم نتساءل كيف لإيران التي تحتل الأحواز العربية أن تحرر فلسطين العربية  ؟ وكيف لإيران الفارسية أن تقف مع العرب رغم كرههم لكل ماهو عربي ؟

وكيف لنظام الملالي القادم بحماية غربية أن يقف في وجه الغرب ؟

وما لبث النظام أن كشف عن خبيئة نفسه بحرب مع العراق العربية استمرت ما يقرب من ثماني سنوات مدعومًا بحماية غربية كي يتم إسقاط العراق ولَم يكتفِ نظام الملالي بإظهار العداء للعرب، بل وعمل على تكوين أذرع مليشياوية في أغلب الدول العربية تحت بند تصدير الثورة وولاية الفقيه مستغلين ما قد بدأوه من تسمية جمهوريتهم بإسم الإسلامية والمتاجرة بالقضية الفلسطينية،  وعمدت إيران على صناعة الرموز الدينية وخلق هالة من القداسة حول تلك الرموز الوهمية، وإمدادهم بالمال والسلاح؛ مما جعل تلك المليشيات تستخدم كأذرع تدميرية ضد بلدانهم الأصلية تحت زعم الثورة على الظلم والطغيان كما أوهموهم وامتد الأمر إلى إظهار العداء للدول العربية حتى وصل إلى ما يُسمى الربيع العربي والذي أسقط دولا عربية مستقرة بمخطط غربي إيراني، وليس أدل على ذلك حيثيات حكم المحاكم المصرية في قضية اقتحام السجون المصرية، والذي وجه الاتهام مباشرة إلى عناصر من حزب الله الموالي لإيران؛ كي يتم تحرير عناصره في السجون المصرية وتحرير قيادات من تنظيم الإخوان من أجل إحداث حالة من الهرج في الشارع المصري ولكنهم فشلوا في السيطرة على مصر بعد أن أصبحت مرتعًا للفرس إبان حكم الإخوان، وكان الجيش المصري حاضرًا في ذلك المشهد وتحركات المغفور له سمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي  لكي يُقضى على أحلام الملالي في السيطرة على مصر،  ولا ننسى محاولة الملالي في قلب نظام الحكم في مملكة البحرين عن طريق مرتزقة لهم وكانت قوات درع الجزيرة بقيادة المملكة العربية السعودية حاضرة في المشهد؛ ليتم القضاء على تلك الجرثومة  الفارسية في البحرين،  وتبقى للفرس جولة في اليمن عن طريق أزلامهم من مليشيا الحوثي فكانت قوات التحالف العربي الإسلامي المشتركة بقيادة السعودية حاضرة وبقوة؛ لتنهي آمال الفرس في السيطرة على جزء من جسد الأمة العربية، ومازالت تحركات الملالي في الساحة بمساعدة غربية  وتبادل للأدوار بينها وبين دولة الكيان الصهيوني في محاولة للسيطرة على مقدرات الأمور في الدول العربية وزعزعة أمن واستقرار المنطقة، ولكنها تواجه بقوة ومتانة التعاون السعودي المصري رغم محاولات الوقيعة بينهما ومحاولات إسقاط نظاميهما إلا أن الفرس لم ولن ينجحوا في ظل التعاون الكبير بين الدول العربية،  ويتبقى على العرب الوقوف جنبا إلى جنب مع أبناء الأحواز العربية المحتلة من أجل تحريرها من براثن الاحتلال الصفوي والضغط على إيران من الداخل، ونقل الحرب إلى داخل أراضيها كما صرح سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان  مستغلين العقوبات الأمريكية على نظام الملالي والحالة الإقتصادية المتردية في الداخل الإيراني، ولعل الأحواز تكون سببًا في سقوط ذلك النظام بالتعاون مع الدول العربية والشعوب غير الفارسية التي تحتلها إيران. 

باحث في الشأن الشيعي 

خبير بالمنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button