اختص الله -عز وجل- هذه الأمة بفضله العظيم، فبعث فيهم محمدًا ﷺ بدين الإسلام ليكون خاتمة الأديان، ثم جعل معجزته كتابًا أنزله بلسانهم العربي المبين هو القرآن.
وانطلقت دعوة محمد في الأفاق، وتلا القرّاء القرآن على سبعة أحرف، وانطلقت علوم اللغة تستقي قواعدها وخصائصها المميزة لها من بين دفتي المصحف الشريف، فنشأت المدارس النحوية والصرفية، وازدهرت علوم البلاغة والعروض، وشاعت الفصحى في أقطار الأرض ترافق الفاتحين، وتنقل أوامر الله تعالى ونواهيه، وتؤسس لدولة الإسلام العظمى.
وسادت اللغة العربية وأحرزت قصبة السبق على سائر اللغات، حتى عجز الروم غربًا والفرس شرقًا والسريان شمالًا عن مصادمة تيارها. ومما لاسبيل إلى إنكاره أن الفرس أصبحوا أثناءالنهضة العربية يستصعبون إيراد كلمة فارسية أو بيت من الشعر الفارسي في كتاباتهم إلا على
سبيل الاستطراد أو الاستشهاد.
وماتشهده اللغة العربية في اليوم من تحديات تحتم على جميع المختصين بها وغير المختصين من الغيورين أن يهبوا للذود عنها وتعزيز انتشارها وإحيائها على ألسنة جيل الشباب خاصة، إذ لا بُدَّ من تعزيز الانتماء إليها، فالحفاظ عليها هو حفاظ على الهوية، وهو واجب ديني وواجب وطني كذلك
ولايكفي لغة القرآن الخالدة أن نفخر بها في يومها العالمي فقط فنردد القصائد والمقولات ونشيد بالمحاسن والميزات ونرفع الشعارات ونفخر بأم اللغات؛ بل يجب علينا اتخاذها وسيلة للتواصل، ولغة للتخاطب، ومنبرًا نطل على العالم من فوقه لنعلن فخرنا واعتزازنا، ونعبر عن إصرارنا بأن الفصحى لغتنا الأم، ولن تزاحمها على ألسنتنا لغة إلا لضرورة.
ولنهتف بقول شوقي:
إِنَّ الَّذي مَلَأَ اللّغاتِ مَحاسِنًا
جَعَلَ الجَمالَ وَسَرَّهُ في الضّادِ
رئيسة قسم اللغة العربية بتعليم جدة