ليس هناك وسيلة تربوية تُضاهي القصة في تأثيرها على شخصية الطفل، إذ إنّ لها من المقومات ما يجعلها من أهم الوسائل لبناء شخصية متكاملة، وهي المدخل الرئيس لتحبيبه في القراءة، لذا وجب على الأم أن تُسمع طفلها القصة مقروءة أو محكية منذ أن ترى عيناه النور، ولا تقول هو صغير لا يدرك! فعقله الباطن كفيل بتخزين ما سيسمعه لينطبع بعد ذلك في وجدانه مُشكّلاً جزءًا من شخصيته مستقبلًا.
إنّ من قُدِّر له أن يقرأ لطفلٍ قصة بطريقة تفاعلية (تمثيل المعنى بالصوت والحركة وتعابير الوجه والعينين..) سيلاحظ مدى تأثره وتفاعله مع أحداثها، وسيظهر ذلك جليًّا في إصغائه وحركة عينيه وأسئلته التي تكشف ما تنطوي عليه نفسه من مكنونات، وهذه وسيلة مأمونة للتنفيس عن مشاعر الغضب أو التعب الذي يشعر به فيستعيد هدوء نفسه، وتستقر عاطفته وهذا أمر في غاية الأهمية لنموه الوجداني.
والقصة لا يُختزل دورها التربوي في أثر عاطفي أو متعة زائلة سرعان ما تنحسر بانقضاء سردها، وإنّما يكمن في حجم وعمق هذا التأثير في البناء والتشكيل.
إن القصة تعالج كلّ القيم التربوية سواء ما كان منها حاضرًا في تعامله اليومي أو كان نادر الحدوث، فأيّ مفهوم تربوي تريد أن توصله إلى طفلك فالقصة هي الخَيار المُحبّب والمؤثر فمثلًا، الاختلاف ( أي شكل من أشكاله ومظاهره) قد لا يكون حاضرًا في حياة الطفل؛ لذا فهو ينفر منه وقد يصاب بالذعر أو التقزز إنْ لم يكن قد ألفه من قبل، وحين يرفض الطفل تقبل هذا الاختلاف لا يستطيع الأبوان إقناعه بالكلام، هنا يأتي دور القصة في غرس مفهوم الاختلاف كسنّة وجودية عليه قبولها واحترامها، ذلك لأنه من خصائص القصة الإمتاع والتشويق ومخاطبة الوجدان فتترسخ القيمة النبيلة المنشودة في عقله الباطن الذي يتحكم بدوره في برمجة سلوكه الشخصيّ وتغيير قناعاته أو ترسيخها، ومن هنا كان للقصة هذا الأثر الفريد.
كما أنّ القصة تعد المصدر الذي يعّول عليه في إثراء الطفل لغويًا، وحين نعلم أهمية اللغة في تطوير عقل الإنسان وتوسيع مداركه وتفتّق ذهنه وزيادة قدراته حينئذ ندرك لماذا تتميز القصة عن غيرها بأنها الوسيلة المثلى في غرس القيم النبيلة في نفس الطفل وتهذيب سلوكه إذا شذّ عن الأدب أو الذوق العام، فبالقصة تتحول المفاهيم المجردة إلى شيء محسوس مثل صورة أو صوت أو ملمس أو رائحة وبهذا تتكون لدى الطفل المفاهيم السليمة عمّا يحيط به في بيئته وطرق التعامل معها والاستفادة منها من دون الإضرار بها فيستقر وجدانه ويتخلص من مخاوفه، ويتسع خياله ويصبح أكثر قدرة على التفكير والابتكار.
لافض فوكِ
أطفالنا أكبادنا على الأرض تمشي. ومهما كثرت المقالات التي تعنى بهم لا نوفيهم حقهم رغم جهلم بما يكتب عنهم و عجزهم عن مشاركتنا الرأي فيهم . والإنسان كله إعجاز والطفل جوهر ذلك الإعجاز وهذه اللفته الجميلة من مهتمة بشأن الطفل والطفوله هي كنجمة أضيفت في سماء هذا الكم الغني والثري الخاص بهذا العالم الجميل البريء