في مساعي جادة وحثيثة تتبنى هيئة السياحة والتراث الوطني بلورة مفهوم السياحة الوطنية في المملكة ,وهذا التوجه يقتضي تفاعل حقيقي مع كل فئات شرائح المجتمعوبالمفهوم الشمولي في كل ارجاء الوطن ومع المحيط الاجتماعي لكل مواقع التراث, سواء كان ذلك الموقع متعلق بالجوانب المادية او المعنوية على اعتبار ان التراث الحضاري ذو وجهين مادي ملموس ومعنوي يكمن في بعض العادات والتقاليد وحتى اللهجات وغيرها , ومن هنا كان للهيئة جهود وطنية كبيرة وقد رسخت ذلك بفهم واع لحقيقة الانتماء وبثقافة عالمة لمفهوم التراث الوطني على اعتبار انهقيمة حضارية وثقافية , وروح من الاصالة , وان التراث الوطني غير قابل للشك او التلاشي ومن الضرورة بمكان تفعيله كونه يعد سياجاً منيعاً للحد من الذوبان في الثقافات الاخرى.
إن هيئة السياحة والتراث الوطني رسمت الخطط والاليات منذ فترة التأسيس ثم قامت بعد ذلك برصد العديد من الواقع في كل ارجاء الوطن الامر الي تكشف معه ان المملكة تكتنز ارثاً حضارياً كبيراً على اعتبار انها تشكل ثلاثة ارباع الجزيرة العربية فظلا عن موقعها الجغرافي الذي يتماس مع الكثير من الحضارات الانسانية ,حيث ظهر بعد الشروع الجاد في تبني الجانب السياحي وان هناك ارتباط وثيق مع تلك الحضارات تمخض عنه تبادل تجاري وفكري لاسيما بعد ظهور الاسلام الامر الذي سيعيد معه صياغة العلاقات المتعددة الفكرية والثقافية والتجارية وغيرها ,باعتبار ان الاسلام انتشر شرقا وغربا وترك اثراً بالغاً في المفاهيم والفنون الانسانية والتي ظهرت في قيم التسامح والتعامل الانساني وانطلقت من مبدا (كلكم لادم) وارتكزت على قاعدة الدين المعاملة, هذا فيما يتعلق بالجانب الاخلاقي والقيمي , ورسمت ابهى ملامح الجمال التي تأتي في سياقات تحرير بصري ياسر الالباب لان الجمال في الغالب الاعم مقترن بالفضيلة وصدق المشاعر , واستتباعاً لذلك فقد اثبتت الدراسات الميدانية والتنقيب والحفريات في بعض المواقع صحة ذلك وتم عرض بعض الموجودات للصناعات الصينية القديمة في المعرض الذي اقيم مؤخراًوكان لي شرف الحضور ضمن وفد الاعلاميين وكتاب الراي آنذاك والذي تبنته هيئة السياحة برعاية كريمة من لدنصاحب السمو الملكي الامير سلطان بن سلمان يحفظه الله ,وعُرض في المتحف الوطني بالرياض تحت مسمى (كنوز الصين) بعد ان تمكنت البعثة الصينية من التنقيب فيمحافظة القنفذة , وقد اعتمدت على ذلك من خلال طريق الحرير البحري الذي ينتهي غرب المملكة وعلى شاطئ البحر الاحمر حيث كانت تصل البضائع في مرافئ ومواني بحرية قديمة وتمتد على مسافة طويلة على الساحل , ولاتزال الهيئة مهتمة في ربط ما تعثر علية من قطع اثرية مع قطع اخرى سعيًا للوصول الى الحقبة الزمنية التي وجدت فيها , في المقابل كان للثقافة الاسلامية حضورها في الصين وقد يكون من ابرزها الخط العربي الصيني وقد رُسمت بهذا الخط آيات من القران الكريم وزينت بها اماكن مختلفة في عموم الشرق الاقصى الى جانب انها تضع كشواهد على القبور بعد ان تذيل بالتاريخ الهجري الامر سوف يمكن المملكة من اعادة صياغة علاقات متعددة ومن ثم الشروع في تبنيالسياحة كرافد اقتصادي وطني هادف يعزز الاقتصاد الوطني وسيعول عليه في فتح منافد شغل جديدةواقتصادات واعدة وفق استراتيجية بعيدة المدى تبعا للروية 2030 ,وانطلاقا من هذه الجهود كان بالأمس القريب دور ريادي للهيئة ممثلة بإدارة الاعلام حيث نظمت زيارة استطلاعية واستكشافية لمحافظة شقراء واشيقر بهدف تعريف الاعلاميين وكتاب الراي بكافة وسائل الاعلام على المتاحف والقرى الاثرية والاسواق القديمة وذلك بهدف تعزيز السياحة الوطنية الى جانب ايصال الرسالة عن ملامح حضارية ثقافية تعكس حضارة انسان الجزيرة العربية والتي لاتزال راكزه في الوجود وهذا مسار اخر تسعى من خلاله الهيئة الى التعريف بكل الواقع الاثرية وفي الزيارة الاخير في محافظة شقراء واشيقر وانت تدرج في جنبات تلك الامكنة تلمح بعدا ثقافيا وحضاريا يعكس دور انسان المنطقة في القدرة على التكيف والعطاء في كل جوانب الحياة فالعلاقات الاجتماعية بين الناس ومدى التواشج والترابط برز عنه ذلك الارث الحضاري ففي مدخل سوق حليوه بشقراء تجد وثيقة دونت بين التجار والاهالي في عام 1351هـ التي اسهمت في تنامي البعد التجاري للبلدة وزيادة الاقتصاد واستدامته الى جانب الاستقرار الامني الذي كان هدفاً منشوداً ان ذاك وهذه القوانين الناظمة لحياة الناس تعكس وجها حضاريًا اخر في نجد على وجه العموم وفي اقليم الوشم على وجه الخصوص وستظل تلك المعالم وجهة سياحية وملمح مشرق ومزارات ثقافية تتوافد اليها السياح من الداخل والخارج وكنسق ثقافي حضاري ضمن الانساق الثقافية الاخرى في المملكة والتي توليها الهيئة كامل العناية والاهتمام . جماع القول ان الهيئة تعمل ليل نهار بغية الوصول للهدف المنشود وفق تطلعات القيادة العليا وفقها للوصول الى مشروع وطني يجسد الوجه الحقيقيللمملكة ليحفل العالم معنا.