عبارة جميلة لها أبعادها قالها أحد الحكماء لتحديد الاختلاف والتباين في أخلاقيات البشر، فهناك أناس كالذهب والألماس في قيمته، وشكله، وتميزه، والتي لا تتغير ولاتصدأ، وتحافظ على قيمتها مع الزمن، بل تزيد.
ومنهم أناس كالمعادن الرديئة الرخيصة التي سرعان ما تتغير وتصدأ مع مرور الوقت، وتصبح بلا قيمة، بل مؤذية.
وفي الحياة نكتشف نماذج مختلفة من الصنفين فهناك أصحاب القلوب الطيبة والنفوس الطاهرة والنوايا الصافية يتمتعون بمكارم الأخلاق، يتعاملون مع الآخرين برقي سواء الأقربين أو الأبعدين، يحرصون على أن ينثروا البسمة وينشروا السعادة في محيطهم. يقدّمون كل ما لديهم ويعطون ما بوسعهم ويجتهدون لخدمة من يحتاجهم، لا ينتظرون مكافأة ولا ردًا لصنيعهم، فهم النبلاء الأوفياء لأنهم جبلوا على الخير ومحبة الناس، والرغبة في مساعدتهم.
الجود إحدى صفاتهم والكرم من عاداتهم يؤثرون ولا يستأثرون؛ حيث إن العمل الصادق أسلوبهم في الحياة والإخلاص ديدنهم والكلمة الطيبة عنوان تعاملهم، والبسمة تكسو وجوههم، وتعبر عن مكنونهم فتكون مفتاحًا لقلوب الآخرين ومحبتهم لهم كشهادة من الله -عز وجل- بمحبته لهم (فمن أحبه الله حبّب فيه خلقه).
هذه النماذج المضيئة تجعل للحياة معنى معهم، فإن قلنا بأنهم كالذهب مجازًا فهم أغلى وأجمل فهم الذين تشرق الحياة بوجودهم حقًا.
وبالمقابل نجد صنفًا على النقيض تمامًا من أصحاب النفوس المريضة والتصرفات البغيضة، الذين يتعاملون بالغش والمكر والخداع، ولا يتورعون عن الكذب والنفاق، ألسنتهم سليطة وعباراتهم هابطة ونواياهم سيئة وحياتهم تمثيلة هزيلة…تقوم على الادّعاء…يأخذون ولا يعطون ودائمًا يستأثرون ومن حقوق غيرهم ينهبون لا يفرحون بخير لغيرهم، ويحزنهم سماع أمر طيب للآخرين.
من سماتهم الغل والحقد والحسد، ومن أساليبهم الهمز واللمز، ومن عاداتهم الافتراء والغيبة، والبهتان، وأكل لحوم الإنسان. يحاولون تضخيم ذواتهم زيفًا فينكشف كذبهم فلايبالون وتظهر حقيقتهم فلا يخجلون، لأنهم جبلوا على الرداءة وسوء الخلق. فيثبت للناس سوء معدنهم إن لم يكونوا أرخص فعلًا من المعدن الرخيص.