إذا كان لي أن ألخص إجاباتي الصحفية خلال الأيام الماضية حول إنجازات اللجنة العليا لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي توجت في نهاية مشوارها باستعادة ٤٠٠ مليار ريال، فستكون كما يلي:
س: لماذا الآن؟
ج: ولماذا لا؟ كان علينا أن نتعايش مع قضايا الفساد طويلًا. فتحت العديد من ملفات القضايا وأغلقت، وأهدرت سنوات على التحقيقات انتهت بعدد قليل من الإدانات. وخلال هذه المدة استطاع بعض من حُكم عليهم الهروب من البلد بما سرقوه، ويستمتع الذين لم يحكم عليهم بحريتهم ومسروقاتهم، فيما ويواصل غيرهم نهب المال العام، واستغلال السلطة. ومازلنا نعاني من ضياع المصالح وفساد المشاريع ونهب أراضي مخططات الإسكان، والمدارس، والحدائق، والمرافق العامة لصالح فئة قليلة من اللصوص.
آن الأوان لأن يفعل أحد شيئًا حيال ذلك، وقد فعل الملك وولي عهده بالضبط ماكنا نتمناه وأكثر، وبسرعة وشفافية وشمولية تجاوزت الأماني والأحلام.
لذلك، فبدلًا من أن نسأل لماذا الآن؟ علينا أن نسأل لماذا تأخرنا؟ والجواب على ذلك أننا لم نكن نملك الأدوات والأنظمة بالفعالية والكفاءة اللازمة للتعامل مع الجرائم والمتورطين فيها. ولذا كان لابد من إنشاء سلطة عليا برئاسة ولي العهد، وتشمل كافة الجهات المعنية بمحاربة الفساد، وهي النيابة العامة، هيئة الرقابة والتحقيق، ديوان المراقبة العامة، رئاسة أمن الدولة، هيئة مكافحة الفساد، للقيام بهذه المهمة، على وجه السرعة بكفاءة وشمولية.
س: لماذا بدأت اللجنة بالشخصيات الكبيرة؟
ج: لأن هذا هو بالضبط حيث يجب أن نبدأ. فالقادة هم من يلهم ويوجه ويقتدي به الناس. أما إذا كان مثاله ساقطًا، فماذا نتوقع ممن يليه؟ الأخطر من ذلك أنهم بذلك يشكلون بتصرفاتهم ثقافة مجتمعة كاملة تتسامح مع الفساد وتعتبر سرقة المال العام مقبولًا. لا يمكن شفاء الجسد برأس مريض.
س: ماهي الرسالة هنا؟
ج: في الواقع هناك رسالتان، واحدة للشعب السعودي تقول: “لن نتسامح مع الفساد بعد اليوم. عملية التطهير انطلقت بأقصى سرعة، فإن كنت طاهرًا فسوف تستفيد من البيئة الجديدة. أما إن كنت متسخًا، فلا مكان لك في عالمنا الجديد!
الرسالة الثانية موجهة للعالم، وفحواها أن المملكة العربية السعودية الرابعة تسابق الدول لتفوز بأفضل بيئة أعمال واستثمار، قوامها العدالة والنزاهة، سيادة القانون ومحاربة الإرهاب.
س: ماعلاقة ذلك بالرؤية السعودية 2030؟
ج: كل شيء! في مملكتنا المتجددة، لا تسامح مع الغش والخداع، مع ضعف المشاريع، وغلاء تكلفتها، وسوء الخدمات، نتيجة لصفقات مشبوهة ومعاملات غير مشروعة. في عالمنا الجديد، كل الأعمال والأنشطة تتم تحت الشمس الساطعة، وعلى الذين لم يستطيعوا العمل والتعامل إلا في الظلام والجو الملوث التقاعد أو البحث عن مكان آخر.
س: هل هناك عواقب وردود فعل وتداعيات سيئة؟
ج. ربما. لكل فعل هناك رد فعل. ومع ذلك، فهذه التحركات مدروسة جيدًا، وقد اتخذت التدابير الوقائية اللازمة. ولكنني أؤمن بأن كل طالب وموظف، مستثمر ورجال أعمال، مواطن ومقيم سيستفيد من اقتصاد نظيف وبيئة نقية، الأجدر يكسب أكثر، بدون أن يكون له وجاهة أو وساطة.
س. هل هناك أي صلة بين الحرب على الفساد وبين السياسة الداخلية والصراعات الإقليمية؟
ج. لسنا جزيرة معزولة. نحن نعيش في منطقة صراعات وعالم تنافسي، سريع التغير، تتقاطع وتتصادم فيه المصالح والسياسات. وإذا نستيقظ فورًا ونعمل بسرعة وقوة وفعالية، فسنجد أنفسنا على طريق زلق، وباتجاه واحد يقودنا إلى القاع! فمستقبل نفطنا غير مضمون السعر والأهمية، وإذ لم نسارع لتنويع اقتصادنا فلن يكون لدينا الدخل الكافي للحفاظ على منجزات التنمية وأسلوب الحياة.
الوقت ينفد، ومواردنا تسنزف في صراعات فُرضت علينا، وحرب طويلة على الإرهاب ورعاته ولن نقبل فوق هذا وذاك بفساد ينهب ثرواتنا، ويبطئ تنميتنا، ويخرّب اقتصادنا.
س. وأخيرًا، كيف يبدو المستقبل مع كل هذه التغيرات الكبرى؟
ج. بلادنا تولد من جديد، أذكى وأقوى وأبهى. ومستقبلنا بإذن الله أكثر شبابًا وحيوية. قولوا آمين.