آل زيدان و النخوة العربية

في بادرة إنسانية عظيمة، تعبر عن تأثير الأخلاق الإسلامية والنخوة العربية، وتؤكد على عمق المحبة والتقدير وأواصر الأخوة الصادقة التي تربط بين أفراد الشعب السعودي، وأي شقيق إسلامي أو عربي أو حتى صديق إنساني من أي بلد، عندما يعيش أولئك الأغراب بيننا بعقود عمل ثم تأتي لحظة الفراق بانتهاء عقود العمل. 

أقول في بادرة من هذا السلوك السعوي الجميل، قام أفراد قبيلة آل زيدان بتوديع وتكريم الطبيب السوداني محمد الفاتح العوض ، الذي مكث لمدة خمسة وعشرين عامًا كطبيب لمركز الرعاية الصحية الأولية بالريامة، بمحافظة النماص في منطقة عسير، قام أفراد القبيلة بفكرة من نائب القرية عبدالهادي بن حسن بن بتعان، وبتأييد للفكرة وقبولها وتوجيه بتنفيذها من لدن شيخ القبيلة  حسن بن عبدالله بن فضل، قاموا بالإعداد والاستعداد لتكريم الطبيب؛ وذلك بإقامة حفل مناسب ومختصر، بعد أن تم إنهاء عقد عمله مع الشؤون الصحية بمنطقة عسير .. ولقد كان ذلك التكريم بمثابة رد الجميل لما تم تقديمه من ذلك الطبيب الخلوق لأفراد المجتمع من حوله، وعندما أقول رد الجميل، فإني أعني ما كان يقوم به ذلك الطبيب الإنساني من خدمات طبية خارج وقت عمله وخارج المركز الصحي الذي يرأسه، فبالرغم من جهده وإخلاصه في عمله الرسمي خلال وقت الدوام، وما يتخلل ذلك العمل الرسمي من حسن الخلق وحسن الاستقبال للمرضى وسرعة معالجتهم بالشكل الصحيح، إلا أنه لم يكتفِ بذلك، فكان يزور مرضاه في منازلهم باستمرار، ولا يتردد أبدًا عن تلبية الدعوة لمساعدة أي مريض في منزله، وخصوصًا كبار السن وحالات الطوارئ التي تحدث خارج أوقات الدوام، كان لا يتردد أبدًا ولا يتذمر، ولا يطلب مقابل ذلك إلا الدعاء فقط؛ ولهذا أجمعت القبيلة بأسرها، وكذلك القرى الأخرى المجاورة التي كانت تستفيد من خدماته، فالكل أجمع على ضرورة التكريم كنوع من رد الجميل لهذا الطبيب المخلص. 

كانت ليلة مميزة تعبر عن كرم وأخلاقيات آل زيدان ومن جاورهم، الذين أكرموا طبيبهم باحتفالية عشاء، وبعدة هدايا عينية ومبلغ مالي تجاوز الخمسة وخمسين ألف ريال، هذا عدا التبرعات الأخرى التي لم يعلن أصحابها عن كمياتها، وهم بذلك العمل الرائع ليسوا إلا صورة طبق الأصل وعينة فقط تمثل كافة أفراد المجتمع السعودي، وتظهر كرمه وسجيته وطباعه الخيرة، تجاه من ساهم معنا في العمل وشاركنا في العيش بهذا الوطن الغالي.