في مقالات عديدة خلال السنوات الماضية، كتبت حتى سئمت وأسأمت قلمي عن تلك “العجوز المتصابية” التي أصبحت مقبرة للوزراء؛ حيث كل من يتولى حقيبتها لا يكون همّــــه إلا كيف يجعل من هيئة التدريس أضحوكة اجتماعية لا حقوق محفوظة، ولا كرامة مقدّرة.
فمن بين كل المهن لا تجد للمعلم قيمة بسبب قرارات وزارته التي أصبحت تتـفنّـن في العمل ضده دون إدراك للمسؤولية المنوطة به، والجهد الذي يبذله في الميدان للعانية بأبنائنا. فمن بين تُــهمٍ صريحةٍ بــكسلهِ إلى قراراتٍ صادمةٍ تعارض مصلحتهِ وصحتهِ وحقوقهِ إلى تندّرٍ اجتماعي بشخصه ومكانته.
عزيزي معالي الوزير
إنّ الاستثمار الحقيقي قبل أنّ يكون في توفير الميزانيات والمباني، والكتب، ومواكبة التقنية الحديثة يجب أنْ يراه الوطن والمواطن في المعلم والمعلمة؛ لأنّهما الدّرع الأول أمام أي أفكارٍ منحرفة يتعرض لها أبناؤنا، ولكي يصبح عـملهما في الميدان ذي فائدة جليّة، يجب أنْ يكون دور الوزارة الأول هو تحفيزهما والعناية الكاملة بحقوقهما التي طالما كانت مُهدرة في السنوات الماضية.
أنـا لا أتّـهم وزيرًا بعينه، ولكن كل القرارات السابقة التي كانت تُـصيب المعلم والمعلمة بإحباط في الميدان يجب أنْ يتم التراجع عنهما بقرار جريء من معاليكم، كما يجب أنْ يكون لكم بصمةً واضحةً في بناء الثقة بقدرات ستمائة الف معلم ومعلمة، نذروا أنفسهم في أهم حقل في الدولة وهو رعاية العقول لأبنائنا.
كما نأمل من معاليكم تفعيل دور الإعلام؛ لتوعية المجتمع بقيمة المعلم من خلال عرض أكبر قدر ممكن من إسهاماته وإبداعاته ومبادراته الوطنية، فهو لا يقل بأي حال عن الطبيب والمهندس والعسكري إنْ لم يكون أفضل منهم مجتمعين؛ لأنّهم لم يصلوا لما هم عليه من المكانة لولا جهد المعلم المخلص المتفاني.
عزيزي معالي الوزير
إنّ الميدان التعليمي يحتاج إلى جهد كبير وعمل دؤوب؛ لذا يجب أنْ تكون ثقة خادم الحرمين الشريفين بشخصكم الكبير نُصْب عينيك دومًا، ولتعلم أنّ العمل المنفرد لن يؤتي أُكله مهما حاول الإنسان أنْ يقوم به.
لذلك أرجو أنْ تجعل من المعلمين والمعلمات رِفــاق دربٍ خلال توليكم للوزارة، فكما تعلم أنّ للصحبة حقوق وعليها واجبات؛ ولكي يبذلوا الغالي والنفيس من أجل الرقي بوطنهم؛ فإنّهم يحتاجون إلى أنْ يكون صوتهم مسموعًا، وحقهم محفوظًا وكرامتهم مقدّرة. ولن يتم ذلك إلا إذا كان هناك إيمانُ تام من معاليكم بقدراتهم وجهودهم، أمّــا إنْ كان لكم رأي آخر غير ذلك، فــلنقل على التعليم الــــسلام.