يؤمن، ويؤكد مفكرو، وعلماء ومؤرخو ومثقفو الوطن العربي من المحيط إلى الخليج في ندواتهم، ومؤتمراتهم، وحواراتهم بأهمية فقه الواقع؛ للخروج إلى حاضر قوي يسهم في بناء مستقبل مشرق؛ مقتنعين أن حضارة تاريخ ماضينا لا تستطيع في غياب حاضر غير قادر على استيعابه أن تسهم في تدعيم ذلك الحاضر؛ فضلًا عن المستقبل.
حيث إن غناه وثراه في مثل هذه الحالة بمثابة العملة القديمة الأثرية المهمة غير قابلة للصرف في الوقت الحاضر.
فالمجتمع العربي، بالرغم من عراقة ماضيه وثرائه لم يتمكن إلى اليوم من إقامة حاضر قوي، بل إن غناء ذلك الماضي، قد جعله يشغف به، ويتفاخر ويتلهى إلى حد تناسى الحاضر وتحدياته، فتخلف عن ركب التقدم والحضارة،
وللخروج من نفق التخلف والتأخر، والتناحر، والتأكسد والرجعية، لابد أن تكون لدينا الجرأة والإسراع في تنفيذ، وتطبيق الخطط والاستراتيجيات التطويرية، والتنسيق لتوحيد الصفوف كتلًا ومجموعات،
لمواجهة التحديات لتحقيق الأهداف المنشودة من استنهاض لهمة الأمة، وإنقاذها من شعار التخاذل، وبث روح النهضة الحضارية، والإصلاح، والتغيير والتنوير، وتغذية الشعور لدى الأجيال على الإبداع، والأفكار،
وغرس قيم الفضيلة لمواصلة دورها الحضاري، واستثمار ما يتمتع به العالم العربي من تراث حضاري وإمكانات ضخمة،
ومواقع استراتيجية وتنوع اقتصادي قوي، وكثافة بشرية،
ليخرج من الهامش ويكون في المتن الحضاري؛ ليصنع الوعي وحركة الواقع الفكري والحضاري والثقافي.
فاصلة:
الحضارة تبنيها الأفعال، ويهدمها الانفعال. (عبد الله الشيتي)