يصحو كعادته، وقلبه مليء بحب الله وطاعته، يعانق ضياء وجهه ملامح الطفولة التي طالما حمل هذه الأمانة على عاتقه يؤدي واجبه بصدق وإتقان، صوته الجهور يلامس بشموخ وجنات السماء، قلة هم الذين يحرصون على أبنائنا بكل ما أتاهم الله من مجهود. وضمير مستيقظ، فهنيئًا لمن هم في هذا وذاك المقام العالي.
رغم بساطة حياتهم إلا أن وطنيتهم وإنسانيتهم اللا محدودة، جعلتهم يحملون هموم غيرهم.
من باب الحرص والحب والإيثار يفكرون في فلذات أكبادنا فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!
هذا هو يوم “عم رده” أحد منسوبي وزارة التعليم، والذي يعمل بإحدى روضاتها والتي تقع في مكان ما بأروقة مكة المكرمة، في نظري لم ترَ عيني شخصًا حريصًا على الغير مثله.
عيناي كانت ترقب تصرفاته العفوية حيال صغارنا، كيف يلاطفهم ويمازحهم ويمسح تارة الدمع عن أعينهم، وينتظر لساعات متأخرة حتى يتأكد من سلامة وذهاب الجميع سالمًا إلى ذويه، كل هذا وهو في قمة إرهاقه وتعبه بسبب ساعات العمل، ناهيك عن المهام الأخرى. ودرجات الحرارة المرتفعة، لكنه يعد ذلك واجبه، يطل بوجهه الوضّاء ذات يوم وبأسلوب مهذب كعادته؛ ليخبرني عن بعض همومه فإذا به بموضوع يشغله في البداية، ظننت أن الموضوع خاص به! لكن ممن هم مثل “عم رده”، يحمل هموم غيره قبل همومه، ويسعى في حاجة غيره قبل حاجته.
فعندما علم باهتمامي بهذا الجانب، وأني باحثة حقوقية بشأن المرأة والطفل، حملني أمانة أرجو من الله أن يعينني على حملها، وإيصال صوته للمسؤولين في القطاع التعليمي، كان هدفًا ضمن طموحه وآماله لم يطمع لنفسه بشيء، ولم يناشد جهات لأمر يخصه وهو يستحق كل التكريم. والتقدير فمن مثلك يا عم رده؟
أخذ يحدثني والعبرة تكاد تخنقه، بدأ يحدثني عن السلامة المدرسية؛ وحبذا لو يكون هناك برنامج الأمن والسلامة وبرامج أخرى لإعداد منسقي السلامة بالذات للمدارس والروضات الخاصة بالصغار لمن هم في الصفوف الدنيا؛ فهم لايحسنون التصرف في مثل هذه المواقف الخطرة، ويضع مجموعة من الاقتراحات من باب الحرص على فلذات أكبادنا.
أخذت أتأمل كلماته، والتي يغفل عنها الكثير ممن أنيطت بهم مهام.
وأنا أوافقه لماذا لاتوضع خطة إلزامية للطوارئ، وقسم السلامة الذي يقع ضمن مهامه الإسعافات الأولية، وتكون هناك عيادة مدرسية دائمة على مدار السنة أثناء الفترة الدراسية؛ ليسعف الطفل من خلالها مباشرة قبل وصول سيارة الإسعاف، والتي قد تتأخر في معظم الأحيان، ويحدث لاسمح الله مالايحمد عقباه، ومن ثم يكون الخبر على ذويه مؤلمًا لا قدر الله،
وهو الواقع الذي نلامسه، ولكن البعض يدس رأسه من مواجهة هذا الواقع المرير، ولاسيما في مدارسنا عن قصص واقعية نجمت عن مأساة لم تكن في الحسبان بسبب الإهمال بهذه الناحية سواء حوادث من اختناق أو انتشار مرض معين، كما حدث في السابق أو إهمال في معرفة الملف الصحي لكل طفل حتى يتم تقديم له مايحتاجه عند لزوم ذلك.
هل يصدق بأن طفايات الحريق، وهي أبسط ما يكون استخدامه في مثل تلك المواقف لايحسن استخدامها داخل تلك المدارس؟!!!
من المفترض أن تقام دراسات بهذا الخصوص من قبل وزارة التعليم؛ لعمل دراسة لإدارة المخاطر والأزمات المدرسية بكل أنواعها…. كالأسباب التي ذكرت آنفًا أو انتشار مرض أو وباء أو أي أمر عارض ما.
يجب التدريب على عمليات الإخلاء بشكل متمرس بالذات في حالة الحرائق والماس الكهربائي، والذي أصبح بشكل ملحوظ بسبب عدم الاهتمام والصيانة أو قدم المبنى فلابد لنا أن نفكر في الوقاية قبل العلاج من خلال فريق عمل تطوعي من نفس الكادر التعليمي داخل كل مدرسة يكلفون بدورهم لإدارة مثل تلك الأزمات.
ولا ننتظر حتى يسبق السيف العذل.
فهاجس “عم رده” في مكانه، ويستحق الثناء والتقدير من سعادتكم، بينما الكثير تشغله مصالحه إلا أنا هذا الرجل لايشغله سوى هذا الأمر منذ شهور وربما منذ سنين، لكن صوته الحالم لم يصل إلى المسؤولين، فطلب مني أنا أحمله بين طيات الأثير إليكم فهل وصل أصداء صوته بقوة لسعادتكم؟؟؟
حفظ المولى فلذات أكبادنا من كل سوء، وجزى الله قلبًا أشفق عليهم لانملك له سوى الدعاء، فالله درك يا عم رده وطوبى لمن هم مثلك فقد ربح البيع…..
مشهورة بنت محمد