هناك فئة من أفراد المجتمع أشبه بتلك النباتات المتسلقة التي لا يمكنها الارتفاع بنفسها عن مستوى الأرض ما لم تجد شجرة أخرى تلتف عليها، وترتفع بطريقتها الالتوائية بحجم تلك الشجرة. فإن كانت الشجرة باسقة تشابكت مع جذعها أو أحد فروعها لتصعد إلى الأعلى، وإن كانت الشجرة أصلًا قصيرة ظلوا في نفس المستوى؛ لأنهم لن يستطيعوا الارتقاء بأنفسهم.
وأصبحت تسميتهم بالمتسلقين ملائمة تمامًا لتلك الفئة من الناس الذين لا يستطيعون العيش إلا بالتسلق على أكتاف الآخرين، فيظهرون بغير حقيقتهم الهشة، ومستواهم الضعيف.
فهذه الفئة ممن نسميهم بالوصوليين المتسلقين يملكون مقدرة فائقة على التلون – بطريقتهم الحربائية – حسب الظروف والأحوال للوصول إلى أهدافهم، وتحقيق مآربهم الخاصة بكل وضاعة.
لا يخجلون من أنفسهم ولا من غيرهم بادعاءاتهم الباطلة بحرصهم على المصلحة العامة في حين لا تهمهم أصلًا، وإنما تهمهم مصالحهم الشخصية فقط. ولما يتمتعون به من أساليب الكذب والمكر فإن لديهم القدرة على إقناع بعض رؤسائهم في العمل بأنهم الأقدر والأجدر، بل يوحون لهم بأفضليتهم عن غيرهم ممن يعملون بصدق وصمت؛ حيث لا يتورعون عن سرقة أفكار وإبداعات غيرهم ونسبها بالمراوغة لأنفسهم فيخدعون الأشخاص الطيبين من أصحاب النوايا الحسنة الذين يصدقون تلك الادعاءات، والذين يصبحون مطية لهم للوصول إلى أهدافهم، وتحقيق الآخرين.
فهؤلاء لا يستطيعون العيش إلا بالتسلق على أكتاف الآخرين؛ ليقطفوا ثمار ما زرعه غيرهم مستمتعين بسرقة جهود الآخرين، وزعمهم بأنها من صناعتهم. حيث يأتون في اللحظات الأخيرة، ويظهرون في أوقات الفوز وأماكن النجاح؛ ليخطفوا الأضواء من أصحاب الجهد الحقيقيين، ويمتدحون أنفسهم ويمجدونها بأعمال ليست لهم.
نفوسهم مريضة، وشخصياتهم مليئة بالنقائص والتناقضات. يدعون الصدق والإخلاص والطيبة والجدية، ويتظاهرون بما ليس فيهم .. فهم أشبه بالمهرجين مع الفارق فالمتسلق كما قال الشاعر: يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب. لأن من صفاتهم الأساسية الغدر والخيانة والمكر والخداع تحسبهم من خيرة الناس عندما تلقاهم، فإذا ابتعد الواحد عنك سلكك بلسان حاد. لا يترك فيك فضيلة إلا ذمها، ولا حسنة إلا قبحها نقصًا فيهم وحسدًا من عند أنفسهم.
فالمتسلقون ضررهم كبير وخطرهم أكبر؛ لتسميمهم الأجواء الاجتماعية، وإعاقتهم للنجاحات، وإساءتهم للوطن وتعطيلهم لعجلة التقدم. ومن الواجب على الجميع التنبه لهم، ومحاصرتهم، وكشف زيفهم، وفضح أساليبهم لحماية المجتمع من أضرارهم.