المقالات

التنمر في المدارس ظاهرة اجتماعية لابد من التوعية بها ومعالجتها “2-3”

وتتنوع أشكال ومظاهر التنمر في المدارس، والتي تبدأ عادة بتقسيم تلقائي فطري يفعله الأطفال في بداية وجودهم معًا؛ وذلك على نحو بدني أو عرقي أو طائفي أو طبقي، ومن ثم يستقطب الطرف الأقوى مجموعة أو ما تسمى “بالشلة” يستميلها؛ لتكون بادرة من بوادر التنمر التي يجب الانتباه لها وتقويمها منذ البداية، ويبدأ التنمر بأشكال المداعبات الخفيفة المرحة التي تسمى “بالمقالب”، وسرعان ما تتحرك باتجاه أفراد معينين يُتخذون كأهداف من خارج الشلة؛ لتتطور على نحو سريع من المداعبة اللطيفة إلى تعمد السخافات والمضايقات، وإظهار القدرة والسيطرة، والنيل من الضحية ليتم إخضاعه لتلك الشلة، ويتطور الأمر عند البعض في حالات كثيرة إلى العنف الجسدي المتعمد أو الإهانة النفسية المتكررة كوسيلة من وسائل التسلية واللهو، واستعراض القوة وإظهار السيطرة، وتزداد وسائل التشهير والإيذاء البدني والنفسي لإخضاع الضحية؛ نظرًا لما وفرته التقنية الحديثة من وسائل يستطيع المتنمرون فيها التقاط الصور والفيديوهات للضحية في أوقات السيطرة عليهم، ومن ثم يتم تهديدهم بها بنشرها وتبادلها على الهواتف المحمولة أو نشرها على شبكات التواصل الاجتماعي؛ مما يشكل تهديدًا دائمًا ومستمرًا على الضحايا؛ وخاصة إذا وُجدت فجوة بين الأهل والمربين من جهة، وبين علمهم بطبيعة ما يتعرض له أبناؤهم نتيجة الإخفاء المتعمد من الأبناء المتعرضين لتلك المشكلات بسبب الخوف والتهديد.

هذا وقد عرّف دان ألويس النرويجيّ (Dan Olweus) -المُؤسِّس للأبحاث حول التنمُّر في المدارس- التنمُّر بأنّه: أفعال سلبيّة مُتعمَّدة من قِبَل تلميذ، أو أكثر، وهي تتمّ عن طريق إلحاق الأذى بتلميذ آخر، بصورة مُتكرِّرة طوال الوقت، ويمكن أن تكون هذه الأفعال السلبيّة بالكلمات، مثل: التهديد، والتوبيخ، والإغاظة، والشتائم، ويمكن أن تكون بالاحتكاك الجسديّ، كالضَّرب، والدَّفْع، والرَّكْل، كما يمكن أن تكون كذلك دون استخدام الكلمات، أو الإيذاء الجسدي، مثل: التكشير في معالم الوجه، أو الإشارات غير اللائقة بقَصْد، أو تعمُّد عَزْله عن المجموعة، أو رَفْض الاستجابة لرغبته.

وقد عرَّف علي موسى، ومحمد فرحان التنمُّر بأنّه: الطفل الذي يُضايق، أو يخيفُ، أو يُهدِّد، أو يُؤذي الآخرين الذين لا يتمتَّعون بدرجة القوّة نفسها التي يتمتَّع بها هو، وهو يُخيف غيره من الأطفال في المدرسة، ويُجبرهم على فِعل ما يريدُ بنبرته الصوتيّة العالية، واستخدام التهديد.

وأكَّدت الدراسات على أنّ الأشخاص الذين يُمارسون التنمُّر هم ضحايا تنمُّر سابقين، وقد مارسوا التنمُّر؛ للتظاهُر بالقوّة، والصلابة؛ لحماية أنفسهم، ولعدم مقدرتهم على تكوين صداقات، وعلاقات اجتماعيّة، ولذلك لجأوا إلى التنمُّر؛ كي يخشاهم باقي الأطفال، أو الزملاء في المدرسة، علماً بأنّ التنمُّر قد يكون ناتجًا من المُعلِّمين، والمدرسة ذاتها أيضًا.

آثار التنمُّر من الآثار السيّئة التي يُخلِّفها التنمُّر، منها: قد يلجأ الشخص إلى العنف، ومن الممكن أن تتحوَّل طبيعة الشخص الودودة، والطيّبة، فتصبح مائلةً إلى العدوانيّة، وبالتالي يُصبحُ هذا الشخص من الأفراد الذين يُمارسون التنمُّر ويُطبِّقونه. قد يلجأ الشخص إلى النوم الزائد عن حَدّه، أو قِلّة النوم. قد يُعاني الشخص من حالة نفسيّة مُتغيِّرة. قد يُعاني الشخص من العصبيّة الحادّة، والغضب. وقد يعاني من فُقدان الشهيّة، أو زيادتها. كما قد يُعاني من ظهور علامات القلق، والاضطراب، والخوف على ملامح وجهه. قد يعاني الشخص من الآثار السلوكيّة، والنفسيّة، والعاطفيّة. وقد يميلُ الشخص إلى الاكتئاب، والإحساس بالوحدة، والانعزال عن المجتمع، والانسحاب من النشاطات المدرسيّة جميعها؛ بسبب تأثير التنمُّر السيِّئ عليه.

وقد يُفكِّر الشخص في الانتحار؛ إذ إنّ هنالك علاقة قويّة بين التنمُّر، والانتحار؛ لأنّ التنمُّر يُؤدّي إلى حصول عدد كبير من حالات الانتحار؛ وذلك لأنّ الأشخاص الذين يُقدِمون على الانتحار، يُعانون من المُضايقات، والتعرُّض للتنمُّر، والمُتنمِّرين. كما قد ينعدمُ اهتمام الشخص بمظهره الخارجيّ، وبدراسته، وبواجباته المنزليّة التي عليه أن يُؤدِّيها.

وإن معالجة ظاهرة التنمر تتم عن طريق العديد من الوسائل والإجراءات، ومنها ما تعزيز ثقة الطفل بنفسه. تربية الأطفال تربيةً سليمة بعيدة عن العُنف. مُراقبة الأبناء، وسلوكيّاتهم منذ الصِّغر. بناء علاقة صداقة بين الأبناء، وآبائهم، وإيجاد جوّ عائليّ دافئ يجمع بينهم. وضع حلول لمُعالجة التنمُّر والقضاء عليه من قِبَل المدرسة، ومُعاقَبة كلّ من يسلك هذا التصرُّف. إخضاع كلٍّ من المُتنمِّر، والمُتعرِّض للتنمُّر للعلاج النفسيّ، ومساعدتهما على تقوية ثقتهما بنفسيهما…” يتبع “

عضو الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الفلسطينيين.
• عضو اتحاد الكتّاب والمثقفين العرب.
• سفيرة الإعلام العربي.

وسيله الحلبي

• عضو اتحاد الكتاب والمثقفين العرب • عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. • يجب أن تسن القوانين الرادعة للتنمر وأن تُفرض العقوبات اللازمة لحماية الطلاب وبالتالي توفير بيئة آمنة لهم. • إيجاد ودعم برامج النشاط المدرسي وخاصة الصباحي بالتمارين التي تجعل التلاميذ يتخلصون من الطاقة السلبية .#التنمر
    وفى المقال وابدع القلم فبارك الله فيكي ا/ وسيلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى