– من المؤسف أن كثيرًا من المفاهيم الخاطئة مازالت داخل مجتمعنا وضمن ثقافته.
على سبيل المثال المفهوم الخاطئ حول (العيادة النفسية) ومرتاديها، والشعور بالخجل وربما الكارثة إذا ما علم أحد بذلك، وقد تتطور حالات كانت بحاجة للخضوع للعلاج لمدة قصيرة قد لاتتجاوز بضعة أيام وربما شهور ثم يغادر بسلام، وهذا العارض قد يمر به أي شخص ما، ولكن إذا ما عُولج الأمر في بدايته أفضل من إهماله أو السكوت حيال ذلك، وكل ذلك بسبب ثقافة المجتمع السطحية تجاه هذا الموضوع، وجهلهم وقلة معرفتهم بمدى قيمة هذا العلم، والذي يلعب بدوره عاملًا مهمًا، ولاسيما في بعض الظروف القاسية ضمن البيئات المتباينة بحسب حال كل مجتمع، ويساهم أيضًا في حل الكثير من المشكلات.
– وقد تتطور حالات مرضية بالفعل كحالات الاكتئاب والقلق، ويحدث عملية نكوص لهذه الفئة، وقد تتفاقم حالات يصعب بعد ذلك السيطرة عليها، وكل هذا وذاك بسبب عرف خاطئ وثقافة المجتمع المنعزلة عن التوعية الصحيحة.
– ويجب أن نعزز بداخلنا أن الطبيب النفسي والعيادة النفسية كأي عيادة يزورها المريض إذا ما اقتضت الحاجة لذلك.
– فمثلًا هناك الأمراض العضوية، كذلك النفسية، وربما الثاني أخطر، فالأول يقع ضرره وألمه على الشخص نفسه، بينما الآخر على نفسه وأسرته ومجتمعه عامة.
والسكوت حيال هذه الحالات بسبب ثقافة واهية، والتي تساهم في دمار هذه النفس البشرية، والتي تمتلك حقوقًا والجميع مؤتمنون.
– وفي نظري إذا ما أخفي شخص بحاجة إلى العلاج، أعدها جريمة بحقه فهو ضحية لأسرة جعلت من ثقافة مجتمع طوقًا حول عنقها، يخنقها تارة ويمضي بها نحو الهاوية والاتجاه الذي يريده تارة أخرى، أسرة تجعل من ثقافة خاطئة تجرها إلى شفا جرف هار تدخلها تلك الكهوف المظلمة؛ لتزج بأحد أفرادها ضحية لتلك المفاهيم!!!!
مثلًا الذي يعتاد العيادة النفسية مجنونًا أو معاقًا فكريًا أو سيكون حديث المجالس وغيرها من المعطيات الخاطئة الكاذبة.!!!!
– وهذا التنمر لم يأتِ من فراغ أو يكاد كسحابة صيف، وإنما هو نتاج خطب ما وفكرة غير مرغوب فيها حول هذا الأمر.
– وللأسف الشديد بأن هذه النظرة السلبية يقع ضحيتها الكثير ممن هم من طبقات أكثر ثقافة، ودراية وإلمامًا بتلك الأمور.
– ومما لاشك فيه بأن القرآن العظيم والذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل العزيز الحميد، هو شفاء لايتنازع اثنان على ذلك.
– ولكن ديننا دين الرحمة والإنسانية، جعل الداء وأنزل معه الدواء علمه من علمه وجهله من جهله، وكتاب الله ملازم لنا وهو نهجنا دائمًا وأبدا، وهو دين عظيم مواكب لكل عصر وزمان سباق بعلمه الأزلي كل القفزات الحضارية والثورات التكنولوجية.
– فإذا قيض الله لنا أطباء من ذوي الكفاءة وأهل ثقة، ولهم مكانتهم، وسيكون بعد الله الشفاء على أيديهم، فما المانع من أن نحطم الأسوار حول أفكار سجينة خلف معتقدات وثقافات خاطئة.
– فطالما أن هذا الكادر الطبي له سمعته ومكانته العلمية، ناهيك عما يحمله من أمانة المهنة، فلنطمئن لذلك ولنحرر أنفسنا من هذه المفاهيم، ولننحرر مجتمعاتنا.
– وسأذكرفي نهاية مقالي عن سرية الشخص الذي يعتاد العيادة النفسية، والتي من المؤلم مايواجهه في بعض الأحيان، وإن كانت نادرة، لكنها حدثت!!!!!
وهذا هو سبب خوف وتخوف الجميع؟!
وقفة:
– تمر هذه الحادثة كذكرى مؤلمة، والتي تعتبر سببًا من بين مئات الأسباب التي عكست ثقافة ذاك المجتمع.
– فقصة عهود، ونوره، ومريم، وأحلام، وسارة، وإن كانت أسماء وهمية إلا أنها عكست صورة لا إنسانية، وكانت على مرأى من الجميع، وبحكم اهتمامي بحقوق الإنسان أردت ألقي الضوء حول هذا.
– ويجب أن ندرك، ونيقن تمامًا بأن أي فكرسلبي لم يكن وليد اللحظة، وإنما حتمًا له تداعيات أخرى.
ففي إحدى المشافي هنا حدث واقعي، فقامت بعض طالبات التدريب بالتحدث عن حالة تلك وتلك، وربما الوقت أيضًا لا يسمح بتمزيق أوراق سرية خاصة بالمرضى فألقيت في الممرات، وكل ذلك يعد إهمالًا في إطار اللامبالاة، والتي لمستها حقيقة من خلال هذا المشهد.
– الكثير من المشاهد هي تتكرر باستمرار ولاحياة لمن تنادي! وكأن مضارع اليوم في مثل هذه المآسي يعقد قرانه على ماضي الأمس، وكل ما أريد قوله بأنه من المفترض بمجرد خروج هذا الشخص لايذكر اسمه إلا في حدود تقتضيها المصلحة من علاج وتوجيهات، وغيره فهذه أمانة وسر المهنة.
– فلا نلقي باللوم على ثقافة المجتمع فقط، لاننكرر بأن لها دورًا في ذلك ودورًا كبيرًا، ولكن الأمر أكبر من هذا…..؟!!!
– الكثير من المواقف أحزنتني فأصوات الضحكات والنظرات، وتصرفات مختلطة من الطاقم المعالج، والتي كان يتخللها أمور استنكرتها أنا وغيري فهي تدعو للغرابة، ماكنت في ذلك الحدث إلا عابرة سبيل تتنقل من مبنى لآخر، ولأمر آخر.
– أخذت (س )….. تبحر بعينيها الصغيرتين، نظرات قاتلة تفتك بالشخص قبل ذويه، وكلها محرمة من أناس نعدهم ملائكة رحمة، التزموا بقسم عظيم، بدلًا أن يعالج الفرد يخرج معقدًا!! ويتعهد مع ذويه بلسان حالهم لا عودة لهذا المكان!!!!
– عذرًا……
فهذا هو الواقع في البعض من مستشفياتنا اليوم، نعم المجتمع وثقافته له دوره الفعال، وما انعكست تلك الثقافة إلا من واقع ملموس، فكانت الطامة طامتين؟!!!
فأرجو وأناشد أهل الاختصاص بقانون رادع، يحفظ لهؤلاء حقوقهم، واتخاذ قانون صارم لكل من يتعدى على أي حق من حقوق المرضى والمراجعين في المشافي، سواء أكان متعمدًا أو من باب تبادل أطراف الحديث والتسلية، فأرواح البشر أقدس من ذلك (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ )، وهذا الشاهد القرآني رادع لمن هم في هذا المستوى المتدني مهنيًا وأخلاقيًا.
فإليك إليك المشتكى…