جاء قرار#إدراج_اللغة_الصينية_في_المناهج في المملكة على أثر الزيارة الموفقة لسمو ولي العهد لدولة الصين، هذا العملاق الآسيوي الذي يلقب بالأسد النائم.
والصين اليوم هي مارد الأزمنة القادمة بلا منازع؛ كونها تملك كل مقومات التفوق، فهي قوة بشرية هائلة وتفوق اقتصادي مذهل، وهي الثقافة التي نحتاجها ونحن نعبر جسر التحولات نحو التغيير، ولا شك أن صعود مكانة الصين على الصعيد الدولي تلفت نظر الحصيف وقادة التغيير من أمثال الأمير محمد بن سلمان.
هذا القرار الهام هو محفز لفتح نافذة باتجاه حضارة التنين وثقافته التي كانت تفكر من خلال الرموز والتصوير البدائية، ولازال تحتفظ بملامحها، ومع هذا استطاعت تجاوز نفسها وإعادة تشكيل ذاتها، بل شكلت نموذجًا فريدًا في الخروج من قوالبها رغم هيمنة تصوراتها الإيمانية.
ثقافة انقلبت على ذاتها بسلاسة وهدوء وفق آليات ومبادئ الإصلاح والتأقلم والتعديل الذي طال كل جوانب حياة الصينيين؛ حتى إن أعمق فلسفاتهم (اليين يانغ) لم تسلم منه.
ومع هذا حافظت الحضارة الصينية التليدة على ميراثها وهويتها، ولم تنفصل أو تتنكر لإرثها التاريخي.
فهم قوة التنين مطلب ملح وآني؛ لأن تلك القوة اعتمدت على قواهم الإنتاجية الخارقة التي صنعت من الصين الرقم الصعب.
والسعوديون الذين هم عماد مستقبل الرؤية، وهم نواة المجتمع الحيوي الذي تتمحور حوله رؤية الوطن، وهم من يرى فيهم فارس الرؤية همة أقوى من جبل طويق.
وهم في حاجة ماسة جدًا لدراسة وتأمل نموذج حي كالصينيين.
هدف تدريس اللغة الصينية أعمق من مجرد حصة ودروس لمعرفة هذه اللغة والإلمام بها، بل هو مركب فخم اختاره عرّاب المستقبل؛ للذهاب بالجيل القادم في رحلة تأمل إلى عالم غير مرئي بالنسبة لنا، والانتقال بهم في جولة بين التاريخ والجغرافيا وحقول الفلسفة والروحانيات، ومن عوالم اللغة، والخط، والتصورات والأفكار إلى فتح نافذة باتجاه عوالم المال والأعمال والاقتصاد، والوقوف على ثقافة قامت على استمرارية لانظير لها على مر التاريخ.
لنتأمل كيف تجذرت أقدام الصينيين في أرضهم في حين جال الصينيون ببصرهم هذا الكون، وكيف تغير الصينيون تغيرًا سلسلًا تتكامل فيه الأضداد.
هذه الخطوة الصغيرة الواعية بتدريس اللغة الصينية هي تعزيز للتنوع الثقافي؛ حيث يشكل عدم الاهتمام بالاختلاف الثقافي بين الشعوب السبب الأقوى لوجود حواجز للاتصال بين بعضها البعض.
أما القرار فهو مصافحة الأقوياء؛ حيث يحضر البعد الاقتصادي هنا، وهو قرار يستشرف الغد لتأهيل جيل، يتقن لغة الصناعة والاقتصاد، وعلينا أن نتذكر هنا طريق رأس الرجاء الصالح وكيف غيرخارطة التجارة !
فيما نستحضر طريق الحرير المرتقب؛ لقلب الموازين، ولتسهيل وصول السلع والبضائع، وسرعة التبادل التجاري التي تحتاج لغة تواصلية تمنحها الاستمرارية.
خلاصة القول:
إننا بفهم اللغة الصينية، وهضم ثقافتها سنكون شركاء في قيادة التغييرالمرتقب.