المقالات

كبش الكركشندي!!

الصحفي المتجول

دعي ولي أمر طالب في المرحلة الابتدائية بإحدى مناطق المملكة، وهو في نفس الوقت أكاديمي وأديب  لحضور مجلس الآباء؛ حيث يدرس ابنه في الصف الرابع بتلك المدرسة، فأراد هذا الأب الأكاديمي شكر إدارة المدرسة بالنيابة عن أولياء الأمور على ما تبذله من جهود.. وكعادة بعض (المهرجين) الذين يتحينون مثل هذه المناسبات (للفلسفة) فيتسلقون المنابر، ويتحدثون بفوقية وتعالٍ و(يحشرون) عبارات أجنبية ضمن كلماتهم لإثبات أنهم مثقفون دون مبالاة بمستوى الحضور، والذين هم طلاب صغار السن؛ إضافة إلى أولياء أمورهم وغالبيتهم يفتقر للثقافة العامة، وقد يحتاج إلى من يترجم له ماقاله هذا الأراجواز الذي سيطر على المناسبة بكلمته الطويلة العريضة، والتي استغرقت عدة ساعات متواصلة، وقد سألني أحد  الحضور فور خروجه من المدرسة وحضوره لمجلس الآباء عن تفسير ومعنى بعض الكلمات والعبارات التي وردت في سياق الكلمة التي ألقاها هذا المتفلسف، ومن ضمنها (التقوقع والمتقوقعون، والمتكلس والتموضع وجلاجل في البيد) وسألني أيضًا من يكون شكسبير وفولتير وأرسطو؟ ومن هو الفيلسوف الإغريقي طاليس  والعالم الياباني (ياما ياما طقها بالعصا)؟ وهي عبارات وأسماء وردت كما ذكرت ضمن كلمة الأخ الأكاديمي الذي استغل هذه المناسبة التربوية المقامة في مدرسة ابتدائية؛ ليستعرض مهاراته في الحديث وفن الخطابة والإلقاء، وليثبت للجميع بأنه (مثقف) جدًا، ولم ينس أيضًا التطرق إلى الحرب الباردة، والاقتصاد العالمي، وقضايا الوطن العربي، والخلافات بين روسيا، وأمريكا، وتهديد كوريا الشمالية لأمريكا ومشاكل وتهور (فضيحة) الشيخ ترامب !! ..

ومثل هذا الشخص كثيرون فنجدهم كأشعب يحضرون كافة المناسبات حتى بدون دعوة تقدم إليهم من أفراح  ومآتم، فيقفز من بين الحضور ليختطف اللاقط (المايكرفون ) كاصطياد القط للفأر، ويمتحن الحاضرين، ويبدأ في التهريج والصراخ والفلسفة في الفاضي والمليان؛ فإن كانت المناسبة فرح؛ فإنه سوف يتحدث عن حرب الكواكب، وإن كانت المناسبة وفاة فحينها سوف يتحدث عن التغريب وأثره على الحضارة والثقافة العربية!! 

وبهذه المناسبة أذكر هنا نكتة ظريفة كنت قد قرأتها؛ حيث تقول الطرفة: إن أحدهم حضر مناسبة زواج، وكان من عادته أن يطفئ أنوار القاعة تمامًا، ويكتفي بتسليط الضوء عليه فقط ثم يلقي محاضرة غير مجدولة ضمن برنامج الفرح، وفور انتهائه من هرائه أشعل النور ظنًا منه أن الجمهور الكبير الذي كان يملأ القاعة سوف يصفق له بحرارة، وأن المعجبين سوف يعانقونه كما عانقت الفتاة الفنان ماجد المهندس! ولكنه تفاجأ بأن القاعة خالية من الحضور ماعدا شخص واحد كان يغط في النوم، فاتجه إليه ليشكره قائلًا: أشكرك أخي فلقد أثبت أنك المثقف الوحيد ..فأجابه الشخص: أرجوك اسرع؛ حيث أود إغلاق بوابة القاعة لأنني الحارس، وقد مل الجميع من حديثك فانسحبوا هاربين، ولم يكملوا المناسبة وبلاشي فلسفة في الفاضي والمليان، وهي ظاهرة انتشرت في الآونة الأخيرة من بعض الذين يستغلون أي مناسبة خاصة أو عامة لاستعراض مهاراتهم في فنون الإلقاء حتى ولو كانت المحاضرة من طراز (خرطيان) !!..

Related Articles

One Comment

  1. بوركت سعادة الكاتب الساخر اللاذع في مسرح الحياة، أصبت الهدف وهذا ما تعودناه من قلمك الحاد لواقع نعيشه صباح مساء بل في كل محتفل.. إحتراماتي مشفوعة ملحفة بطيب دعواتي..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button