أخذت أتصفح أسطر التاريخ، وأقرأ بين طياته الكثير والكثير من الأحداث، وبين تلك الصفحات كنت دائمًا أقف أمام تاريخ الإمام -رحمه الله- وتاريخ أبناؤه الكرام منذ قيام الدولة السعودية، وكنت أتابع بشغف لحظات حكاية مجد وكيف؟ أن هذا الإمام العظيم استطاع بحنكته الصمود والجهاد ضد معتقدات باطلة، رغم قسوة الطبيعة آنذاك والظروف السياسية التي كانت تحيط بالجزيرة العربية وتداعيات الحرب العالمية؛ حيث كانت تعيش نجد والحجاز ظروفًا قاسية وتقبع تحت وطأة الفقر والجهل في خضم تلك الأحداث، حينها مضى فارس نجد يمتطي فرسه، ويشهر سيفه في وجهه كل من يعادي هذا الدين العظيم، وأخذ عهدًا على نفسه وقسمًا كان لابد له من أن يوفيه وهو أن يخلص، ويطهر هذه الجزيرة بلاد آبائه وأجداده من شبح الجهل والفقر والمعتقدات والبدع؛ حيث كانت تعيش جزيرة العرب أحداثًا دامية، وأوضاع غير مستقرة بسبب ما ذكرته آنفًا بالإضافة إلى النهب والسرقة من قاطعي الطريق، فقرر عندها هذا الفارس الهُمام بأن يحرر هذا الكيان، وكان كثيرًا ما يحدث نفسه بأنه لابد من أن ينقشع هذا الظلام الحالك حالمًا ومتأملًا بانتظار بزوغ فجر جديد يضيء شعاع سناه أجزاء الجزيرة العربية قاطبة، فقرر الإمام الشاب قيام هذا الكيان الشامخ بكل أركانه، فساندته معظم العشائر والقبائل في تلك المرحلة، سواء قيام الدولة السعودية الأولى أو الثانية، ولكن الظلم والجبروت والظروف كانت أقوى، فقرر الملك عبدالعزيز -رحمه الله- التوجه نحو الكويت؛ حيث استقبله أميرها آنذاك، فأسرة آل الصباح قامت باحتضان الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله- ثراهم بكل ما تستطيع رغم شح الإمكانيات ولكنها قامت بدعمه لوجستيًا، ومن هنا اشتدت قوة علاقة المملكة بالكويت ومازالت حتى يومنا هذا، ولعل احتفالات دولة الكويت بيوم التحرير عادت بنا إلى الوراء، وكيف؟ أن أبناء الملك الفارس أخذوا عهدًا على أنفسهم لن يخلفوه برد الجميل ومساندة دولة الكويت حكومة وشعبًا في تلك الأزمة، فقرر الملك فهد -رحمه الله- باحتضان أبناء الشعب الكويتي وتقديم لهم كل دعم حتى يعودوا بأمن وسلام فكان ذلك لهم، وبذلت المملكة العربية السعودية نظير ذلك الغالي والنفيس من أرواح وأموال حتى يعود الحق لأصحابه، وهاهو الملك سلمان اليوم يتمسك بذلك العهد، وعادت بنا الذكرى لقصة الملك الشاب عندما كان في الكويت الدولة الحاضنة له والمساندة؛ ليعود الفارس فاتحًا لنجد والحجاز، وكانت تراوده فكرة بعد هذا النصر والفتح، وهي توحيد أرجاء الجزيرة الحجاز ونجد مهما كلفه الأمر، وكان للمرأة دور كبير في ذلك فمن منا ينسى دور الأميرة نورة بنت عبدالرحمن آل سعود؛ فقد ساهمت بدورها في هذا الحدث الجلل؛ لذلك أبناء الفارس -حماهم الله- يفتخرون بموقفها البطولي، وينتخون دومًا أبناء الملك الضرغام بإخوان نورة.
وفي هذا العهد الميمون برز دور المرأة بشكل ملحوظ في بناء كيان هذا الصرح العظيم، هذا الوطن المعطاء بمختلف مجالاته وتوجهاته، فقد لعبت المرأة اليوم دورًا مهمًا لا يقل شأنًا عن دور شقيقها الرجل في كل المراحل والمجالات سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو التعليمي الأكاديمي؛ إضافة إلى دورها الاجتماعي بكل ما فيه من إنجازات ومبادرات تطوعية، وأثبتت بالفعل دورها المتميز، وحضورها المتألق محليًا ودوليًا رغم كل التحديات.
واليوم وبكل فخر ها هي تعلو وتتصدر القمم وتسود وتحشد الهمم، فهاهي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبد العزيز، والتي كانت ومازالت تلعب دورًا رياديًا استحقت من خلاله بجدارة بأن تكون سفير المملكة العربية السعوديه لدى الولايات المتحدة الأمريكية؛ لتثبت للعالم بأسره بأن دور ومكانة المرأة العربية عامة والسعودية بالأخص دورًا رياديًا مهمًا عظيمًا لا يقل شأنًا عن دور نصفها الآخر، وهاهي تكمل مسيرة والدها الأمير المتميز بندر بن سلطان حينما كان سفيرًا يمثل بلده لدى الولايات المتحدة آنذاك.
فهنيئًا لك يا وطني الحبيب قيادة وشعبًا على تلك المواقف المشرفة والآمال الحالمة المتجددة بعيون تترقب النماء بصدق وإخلاص، وقوة التحدي والتصدي لكل السلبيات والعقبات عبر كل العصور.