د. جرمان الشهري

لماذا لايكون المتقاعد مكَرّمْ ؟

من المعروف أن اللغة العربية من أكثر اللغات تفردًا بالمترادفات اللغوية التي تعطي نفس المعنى لأي كلمة، وذلك بحكم انفتاحها واتساعها وشموليتها ومرونتها، كل ذلك يعطيها مجالًا واسعًا للإبداع في استخدام الكلمات المتباينة؛ لتنتج نفس المعنى .. 

ما أود الوصول إليه من خلال هذه التوطئة، هو لماذا الإصرار والتمسك بكلمة (تقاعد) ومشتقاتها (متقاعد، متقاعدون،  متقاعدين) ؟ هل عجزت لغة الضاد عن استخدام كلمة لائقة بديلة ؟؟!! 

من المعروف والمألوف والمتداول، أن كلمة (متقاعد) تعطي إيحاءات سلبية، سواء على المتقاعد نفسه، أو من قبل زملائه الذين مازالوا على رأس العمل، أو من قبل المجتمع بصفة عامة، فتلك الكلمة السلبية، تفسر في ثقافة المجتمع وتجزأ إلى مقطعين منفرين ومحبطين، وهما (( مت .. قاعد ))، وهذا التفسير المجتمعي الخاطئ والتجزئة المشؤومة، تشكل حالة بائسة من اليأس والإحباط في نفسية الموظف، الذي أفنى زهرة شبابه في خدمة دينه ووطنه، ثم يجازى في نهاية خدمته بتلك الصفة، التي تستعجل موته وتحرضه على حفر القبر وهو لايزال يستمتع بحياته كما كان سابقًا، بل وأفضل من السابق كونه أصبح متفرغًا لنفسه ومتحررًا من كافة القيود الرسمية !!

كلمة (متقاعد) هي مصطلح أو صفة وضعت ضمن قاموسنا الوظيفي الإداري؛ لاستخدامها لمن ترجل عن عمله بعد أداء الخدمة بشرف، وبالتالي لماذا لا يمنح هذا الموظف الذي أحيل إلى الراحة والاستمتاع بالحياة، لماذا لا يمنح مسمى يليق به كموظف محترم وإنسان مخلص أدى واجبه ثم أنهاه بموجب النظام ؟؟! وحتى لا أدخل في دائرة التشخيص وعدم وصف العلاج، فإنني من هذا المنبر الإعلامي أرفع للمعنيين من أصحاب القرار، اقتراحًا ينص على استبدال كلمة (متقاعد) السلبية، بكلمة (مكَرّمْ)؛ بحيث يصبح لدينا فئة غالية ومحترمة تم تقدير جهودها، تسمى (مكرمون) بدلاً من (متقاعدون) و(مكرمون) بدلاً من (متقاعدون )) ؟؟!! 

وتغيير مسمى (( المؤسسة العامة للتقاعد )) إلى (( المؤسسة العامة للمكرمين ))،

وإلغاء تلك الكلمة النشاز (( متقاعد )) بكل مافيها من السوداوية والمعاني السلبية، فهي ليست نصًا إلهيًا ولا كلمة فريدة ليس لها بديل !! 

بل هي اجتهاد غير موفق أو ترجمة خاطئة لرجل إداري، وضعها في القاموس الوظيفي، وتم اعتمادها من قبل المشرعين، دون أي تفكير إيجابي لسبر مضمونها ومعناها السلبي، الذي لا يتلاءم ولا يتوافق مع مايستحقه الموظف (( المكَرّمْ )) من التقدير والاحترام.

Related Articles

4 Comments

  1. كل ما يتعلق به اراه غير لائق
    الاسم وضعه بائس
    والراتب قدّرة مغتني
    والمميزات بعد التقاعد كأندية رياضية له محروم منها مع قِلّة الراتب
    والاهم من ذلك انه لاذكر له بعد تقاعده وكأنهم احالوه الى متمنسي اي (موت ..منسي)
    مع العلم ان ذو الكفاءة والخبرة منهم هو الانسب لشغل وظيفة شيخ قبيلتة او عمدة الحي الذي يسكنه لانه يعرف كيف يساهم في المحافظة على امنهم ورعاية حقوقهم ولا يبحث عن وجاهة وتكريش كمن نرى بعظهم الان
    ومع ذلك فأن الله تكفل به ولن يموت ناقص عمر
    وتراه في مجتمعه ولله الحمد في ابهى حلة
    عش كما تريد لا كما يريدون

  2. كلام جميل يادكتور تتمنى أن يصل صوتك للمسؤولين وتغير هذا المسطلح الذي غير لائق بكل شخص أفنى حياته لخدمة هذا الوطن الغالي نرجوا من الإدارة العامة للمتقاعدين بالرفع للمسؤولين وتغير هذا الاسم من ( متقاعد ) إلى ( مكرم ) لازالت بعض الأفكار كأنها نقشت على حجر وبأيدينا تغييرها للأفضل .. بارك الله فيك يادكتور على الطرح ❤?

  3. الأخ خالد آل زيدان
    والأخ أبو عبد الله ..
    شكراً لكما على التعليق والإضافات المثرية ، وأتمنى أن تتحق جميع طموحات المخلصين الذين خدموا وسلموا الرأيه لمن بعدهم ..

  4. أخي خالد .. اسمح لي بالقول بأنه جانبك الصواب في السطر الأول من تعليقك .. فالواقع والمعروف للجميع ، أن هذا البلد الطيب المملكة العربية السعودية ، هو منبع التكريم لأي مخلص لوطنه ، وليس ذلك حكراً على أحد كما زعمت أنت ، فمناسبات التكريم المعتادة للمخلصين لا ينكرها إلا جاحد ..
    ثم إني – رعاك الله – لم أتحدث عن تكريم المتقاعدين ، وهم يستأهلون ويحصلون على التكريم من قبل جهاتهم ولا شك في ذلك .. ولكني قصدت في مقالي معالجة المصطلح فقط ، وهو المسمى ، مسمى متقاعد ، دعوت إلى تغييره بكلمة أخرى ألطف وأفضل وهي كلمة (( مُكَرّمْ )) هذا هو محتوى المقال بالكامل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button