سبحان القائل في محكم التنزيل ” كل نفس ذائقة الموت ” سبحان مقدر الأقدار خالق الليل والنهار سبحان من جعل الموت نهاية كل حيّ في هذه الدنيا الفانية كم هو العمر قصير مهما طال وكم هي الدنيا محزنة مهما أفرحتنا
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته … يوما على آلة الحدباء محمول .
لقد فجع رئيس وأعضاء ومنسوبو النادي الأدبي بالباحة والوسط الثقافي كما فجع أهالي منطقة الباحة مع نهاية هذا الأسبوع بأن غيب الموت أحد أبناء المنطقة البررة هذا المصاب الجلل المؤلم الذي نزل كالصاعقة إذ تلقى الوسط الباحي نبأ وفاة الشيخ الجليل والمربي الفاضل والإنسان الذي تسبق ابتسامته كلماته إنه ( سعد بن عبد الله المليص ) الذي تولى عدد من الأعمال والمناصب في التعليم والثقافة والأدب والعمل الخيري الاجتماعي والعمل الإصلاحي وكان أيقونة نشاط لا يفتر ولا يمل فتجده في كل مجال يعمل بجد وإخلاص ربما حتى ما قبل وفاته بأيام معدودة وهو يمارس حياته الاجتماعية كما هو وكأنه لم يقض عشرات السنين متنقلا بين هذه الأعمال بين مكة المكرمة والباحة وتحديدا بني ظبيان قرية الريحان التي ترى من بعيد بمنرة مسجدها الذي عمل على تشييده حتى أصبح هلاله يعانق السماء سيكون شاهداله بإذن الله في موئل آبائه وأجداده فسبحان الله الذي له في حكمه وأقداره ما يشاء .
مهما تحدثنا عن الشيخ الوقور فقيد الوطن بأكمله فكتاباتنا ستكون قاصرة عن الوفاء بحقه علينا كزملاء في هذه المواقع التي عملت أنا شخصيا معه فيها فقد كان نعم الأب والزميل والأخ والموجه والمربي ونعم السند وكان يتميز بأخلاقه الرفيعة لا يعرف الكبرياء ولا يتسلل لإلى ذاته التضخم يحب يستشير ويستخير في كل ما يريد الإقدام عليه يمتدح خصومه قبل أصدقائه يعتز بمعرفة من يعمل معه ويتعرف عليه من داخل المنطقة وخارجها في سمت الكبار ورجاحة عقولهم يدير حياته ومكان عمله بهدوء وبصيرة ويردد عبارات جميلة حول اللغة في ما يشارك به في الصحف ويؤكد لي ذات مرة أنه يضع بعض الكلمات التي يستنبط معانيها من أمهات كتب اللغة ويبرر ذلك بقوله دع القاريء يعود لها مثلي وتربطه بالقراءة لتكوين ثروته اللفظية لا يقاطع من يصادقهم أبدا يسأل عنهم ويدعو لهم لا يتقزم أحدا بل يمتدح الناس كلهم ويجاملهم وهي آداب تربت على توجهه وبين جوانحه .
الشيخ سعد المليص وطني حتى النخاع لديه ولاء للوطن ليس له مثيل وعنده ولاء للقيادة ولأمراء البلاد والمنطقة على وجه التحديد يعلنها في جميع كلماته ومشاركاته الصحفية ويؤكد عليها كمنهج شرعي يدن الله به له بصمات في قريته وفي قبيلته وفي قبائل غامد وزهران عندما كان سببا في فتح مدارس كثيرة تخرج منها الآلاف الذين شاركوا ويشاركون في التنمية التي تعيشها بلادنا والمليص له أفضال كثيرة لا يمكن حصرها في عجالة لازلنا نعيش الصدمة بفقده ولكني في هذا المقام أناشد سمو أمير منطقة الباحة من هذا المنبر بأن يسمى شارعا باسمه ليخلد ذكراه العطرة بعد أن فارق الدنيا وهو جزء من حقوقه على المجتمع ونعتبره كرما ونبلا من سمو أمير المنطقة الدكتور حسام بن سعود الذي أجزم بأن هذا المطلب سيلقى منه عناية خاصة وتوجيها كريما لأمانة المنطقة وما ذلك عليه بعزيز .
كما أدعو زميلي وصديقي الأستاذ الشاعر حسن الزهراني بإقامة أمسية تأبين فهو الذي تكرم ومحبو المليص بزيارات له في منزله ببني ظبيان وكنت في معيتهم حينها كما زرناه في بيته بجده بحضور الدكتور أحمد قران مدير عام الأندية الأدبية وقتها ومجموعة من المثقفين واستمعنا حينها في الزيارتين منه لكلمات ثناء عاطر لزملاء العمل معه إبان رئاسته للنادي الأدبي الذي سعى لافتتاحه بمكاتباته ولقائاته مع المسؤلين في عهد أمير الشباب فيصل بن فهد يرحمهم الله حتى تحققق حلم المثقفين بافتتاحه عام 1415هـ واليوم يرحلوفي الذاكرة الكثير من الذكريات الجميلة التي عشنا بها ومعها في عهده – يرحمه الله – وأتمنى أن يطلق أحد البرامج الثقافية باسمه ليس نظير ما قدم ولكن من باب الوفاء الذي أعلم أن رئيس وأعضاء مجلس إدارة النادي السابقين والحاليين أهل له وفي ختام مقالتي الصغيرة هذه أتوجه لله تعالى بخالص الدعاء للفقيد بالرحمة وأن يجعل الفردوس الأعلى مرقه حتى قيام الساعة وأن يثبته عند السؤال وأن يجزيه خير الجزاء عن كل ما قدم لبني جلدته وأن يحسن عزاء الجميع فيه ويفرغ الصبر والسلوان على قلوب أهله ومحبيه وآخر دعوان أن الحمد لله رب العالمين .
انعطافة قلم :
أكرر مناشدتي لسمو أمير المنطقة بتسمية أحد شوارع الباحة باسم الشيخ سعد المليص فهو أقل ما يجب تجاه هذا الرمز الوطني وفاء له وأيقونة دعاء له وإني على ثقة بأن سموه سيكون وفيا كما عهدناه وعهده المواطن والوطن .
احسنت اخي الدكتور عبدالله غريب في هذه المقالة الجميلة بجمال خلقك فالشيخ سعد المليص يستحق منا جميعاً الكتابة والحديث عنه فشكراً على هذه المقالة في زميلك في نادي الباحة الادبي والذي لا اشك مطلقاً في صدق مشاعرك وفيما طالبت به لتخليد اسمه في المنطقة وننتظر من سمو امير المنطقة الاستجابة التي يؤيدها جميع مثقفي وادباء وابناء الباحة