الصحفي المتجول
بادئ ذي بدء علينا أن نعرف مايعنيه المثل العامي الشهير (ياما تحت السواهي دواهي) فالسواهي باللغة العربية تعني الإنسان الساهي أي الغافل والطيب القلب والمظهر فقط فحينما تتعامل مع مثل هذا الشخص(الساهي إبن الدواهي) تظن أنه شخص طيب القلب والمعشر والمسلك وأنه يتجاوز ويعفي عن زلات الآخرين وأخطائهم وعادة ما يتميز بطيب اللسان وعذب الكلام ولكنه في حقيقة الأمر ينطبق عليه الشق الآخر من المثل وهو الدواهي أي جمع داهية أو ما نطلق عليه مسمى(نمس). فنكتشف بأنه إنسان ماكر ومخاتل مخادعاً الآخرين بمظهره الذي يصطاد به ضحاياه ويوقعهم في فخه.. فهو من الخارج كحضرات السواهي ومن باطنه من كبار أصحاب المعالي الدواهي!!..
ومعظم الهوامير اليوم يتميزون بهذه الصفات العظيمة(سواهي) من خارجهم فقط و(دواهي) من دواخلهم وخواتمهم وهذه الفئة تعتبر من أخطر القوم ضرراً بالآخرين…فهناك اليوم عدة قضايا أبطالها من هذه الفئة (الساهية الداهية) الذين تمكنوا من الإستيلاء على أموال الضحايا بمظهرهم الموقر ومنها قضية معروفة في جدة أكد فيها المواطنون المتضررون أنهم سارعوا بالمساهمة في مؤسسة عقارية وأن صاحب هذه المؤسسة تمكن من إقناعهم لإستثمار أموالهم في مجموعة عقارات طرحها للمساهمة بمظهره الوقور وعذب لسانه العسل وكان يضع على مكتبه بعض الكتب الدينية والمصاحف الشريفة بينما كان صوت المذياع يتلو آيات من القرآن الكريم في وقت كان فيه صاحب المكتب العقاري يحمل السبحة في يده وعلامة السجدة تبدو على جبهته واضحة للجميع وقد أطلق لحيته الطويلة التي وصلت إلى قرب ركبتيه – ويقول أحد الضحايا أن المذكور أي (الداهية) كان من وقت لآخر يتحدث بالهاتف ويطلب إلى محدثه القدوم إلى المكتب لتسلم المساعدة التي طلبها ومن بين المتصلين المزعومين ما يعتقد بأنهم أرامل وأيتاماً– وفي الختام تمكن وبهذه الطريقة من الإستيلاء على أموال عدد كبير من المواطنين بينهم المتقاعدين والأرملة والمطلقة ليتفاجأوا بإختفاء المكتب من على الكرة الأرضية وهروب صاحبه إلى الخارج وأن السلطات بصدد إعادته بواسطة البوليس الدولي (الإنتربول) وأن المساهمة كانت وهمية ..
سقت هذه الحادثة ونحن نعاني من مثل هذا النموذج (السواهي ظاهرهم والدواهي داخلهم) وهم كثر في مجتمعنا للأسف والذين يبدون بمظهر الطيبة وصورة الشخص الوقور الذي يخشى الله في العلن فقط – وحبذا لو قامت الجهات المختصة بإعتبار أن من يلجأ إلى المظهر والشكل والتصرف الخادع بهذه الطريقة ويتقمص صورة الإنسان الورع المتدين من أجل النصب والإحتيال على الآخرين جريمة كبرى يعاقب عليها النظام بأشد العقوبات ..