على مدى أكثر من ربع قرن من الزمن، مرّت معارض الكتاب في السعودية بعدة تحولات وعقبات على مستوى التنظيم، والتدخلات، والأحداث المثيرة للغرابة، والجدل في آن واحد.
فمنذ نشوء فكرة إقامة معرض للكتاب عام 1993م من قبل الغرفة التجارية بجدة، وانطلاقته الأولى كأول معرض دولي يُقام في السعودية بجدة عام 1994م، وحتى اعتماده في جدول المعارض الدولية والمعرض بين شد وجذب من عدة جهات تنظيمية من ناحية، وبين جدل مجتمعي وعداء أيديولوجي من ناحية أخرى.
الحراك المجتمعي الواعي الذي يقدّر قيمة الكتاب، ويُعلي شأن المعرفة كان خط الدفاع الأول عن المعرض وإقامته بشكل سنوي منتظم؛ بالإضافة إلى القوة الشرائية التي فتحت شهية أكثر من 500 دار نشر محلية وعربية وعالمية للمشاركة السنوية في هذه المعارض.
ولعل معرض الرياض الذي أكمل عقده الأول كان في معمعة هذه الأحداث التي خلقت جدلية إعلامية ومجتمعية أسهمت بشكل أو بآخر في إشهاره وزيادة عدد مرتاديه، إما للشراء أو للاستمتاع بالأجواء الاحتفالية والفعاليات الثقافية التي تقام على هامش المعرض.
وفي هذا الشأن وبحسب مشاهداتي وقراءتي للحدث – من خلال حضوري بدعوات كريمة من قبل إدارة المعرض لعدة سنوات – أرى أن المعرض تجاوز عدة معوقات تنظيمية وجدلية.
أهمها الفسح المفتوح لكل الكتب التي تحمل أو تنشر الإبداعات بشتى مجالاتها والفكر الإنساني، والتي لاتتعارض مع قيمنا الاجتماعية ومصالحنا الوطنية، وهذا حفّز المثقفين والمهتمين للحضور والتوافد للشراء من جهة، وعزز الحضور الكبير لدور النشر العربية للمشاركة الفاعلة.
والملمح الآخر، والذي لمسناه في الموسمين الأخيرين تحديدًا التنظيم الجيد، والسيطرة الأمنية المنضبطة التي حدّت من التدخلات الهمجية من قبل أشخاص وجماعات ترى أنها مسؤولة عن حماية المجتمع من الرذيلة، وصون أخلاق الناس من الأفكار المنحرفة بحسب تصورها.
بشكلٍ مجمل كان لابد لحركة التنوير التي تعد من أهم أهداف المعرض الدولي للكتاب أن تنتصر على قوى الظلام التي تحجر على الفكر، وتجيّش المجتمع بكافة شرائحه ضد أي منشط ثقافي أو فني يخلخل مفاهيمهم المتكلسة وأفكارهم المتحجرة.
ختامًا..
ومع انتشار وسائط الميديا المختلفة، وتوافر الكتاب الإلكتروني وظهور جيل جديد لايؤمن بالكتاب كقيمة معرفية.. يبدو لي أن الإقبال على مثل هذه المعارض سيقل على خلال السنوات المقبلة، وهذا ما لمسته خلال السنتين الماضيتين من قبل بعض الأصدقاء العرب الذين يديرون بعض دور النشر العربية العريقة..ويكفي
شاعر وإعلامي
@Khalidqmmsh