بفقد المربي الفاضل والأديب الأريب والتربوي القدير شيخنا وأستاذنا سعد بن عبدالله المليص فقد الوطن أحد رموزه الكبار، نعم الكبار أما لماذا؟ فلأن مسيرته حافلة بالعطاء، حافلة بالنجاح، حافلة بالتواصل الاجتماعي الصادق والنزيه، والحديث عن شخصية الراحل حديث يطول، ويطول؛ لأنه مدرسة في الثقافة والأدب والعلم والصدق، نعم أقول الحديث عن حياته يحتاج إلى وقفة صادقة ممن كانوا قريبين منه ليلتقطوا جوانب من حياته الزاخرة بالنجاح، وفي هذه المقالة الموجزة يمكن التطرق لجوانب محدودة لا تفي حقه من الإنجاز؛ فقد حقق بروزًا ونجاحًا في الجوانب الاجتماعية، والتعليمية، والتربوية، والأدبية، وكذلك الأخلاقية ففي الجانب الاجتماعي له مساهمات واضحة منذ تأسيس جمعية البر الخيرية بالباحة، والتي أخذت على عاتقها الخدمات الخيرية والإنسانية لكثير من الأسر المحتاجة في المنطقة؛ ولكون الشيخ سعد له علاقات جيدة مع الأمراء والمسؤولين من رجال الأعمال فقد حظيت جمعية الباحة بالكثير من التبرعات، والتي انعكس ريعها لصالح المستفيدين منها فكانت الأساس لنجاح أعمال الجمعية.
أما الجانب التربوي فيعد من الرعيل الأول؛ حيث تعلم في مدارس الصولتية بمكة المكرمة في وقت كانت الكثير من المناطق، ومن بينها الباحة تفتقر إلى تعليم عالٍ، وعند عودته تسلم قيادات تربوية وتعليمية كمدير مدرسة ومشرف تربوي ومسؤول باشر فتح عددًا من المدارس, وتتلمذ على يديه نخبة من التربويين الذين تسلموا مهام كبيرة على مستوى الوطن, ولتمتعه بحس تربوي وتعليمي، أسس مدارس الريحانية، والتي شاركت في العمل التعليمي والتربوي في المنطقة.
وحين يكون الحديث عن الأدب في حياة الشيخ سعد، فقد نجح في رئاسته لنادي الباحة الأدبي، وكسب جميع الأطياف الثقافية؛ وذلك لما يمتلكه من وعي وثقافة وخلق كريم وتدبير جيد اللأمور، وشرفت بالعمل تحت رئاسته كعضو في لجنة التأليف والنشر، وكذلك في اللجنة الإعلامية، وكنا نستمد التوجيه منه يمحضنا بتعامل إنساني ورقي أخلاقي الابتسامة لا تفارق محياه، وهذا ليس بمستغرب منه فهو من أسرة عُرفت بهذا الشأن علو في المقام وكرم في الأخلاق… وتميز أيضًا بقدرته الفائقة في اختيار الأشخاص لخدمة الثقافة في المنطقة، كما أن الفترة التي تولاها في إدارة النادي اتسمت بالنجاح، ومنها ملتقيات الباحة التي يعود الفضل في تأسيس هذا النهج للفترة التي أدارها الشيخ سعد برفقة أعضاء المجلس آنذاك كالراحل الأستاذ علي السلوك -يرحمه الله- والدكتور سعيد أبو عالي، والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الزهراني، والدكتور ناصر بشيه، والدكتور هجاد عمر، والأستاذ عبدالرحمن الدهري، وغيرهم من الأساتذة الأجلاء, والأجمل في شخصية الشيخ سعد بياض سريرته وتواضعه الجم وعلو همته، وتعامله الإنساني الكبير، وتقبله الجميع دون إقصاء لأحد، وحلمه وتواضعه، وحبه الخير للجميع ندعو الله -عز وجل- أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.